وأنشد بعده، وهو الانشاد الثاني عشر، وهو من شواهد سيبويه:
(١٢) أطربا وأنت قنسري ... والدهر بالإنسان دواري
استشهد به سيبويه، قال ابن خلف في «شرح شواهد سيبويه»: الشاهد فيه انتصاب قوله: أطربًا، بفعل مضمر دل عليه الاستفهام. لأنه بالفعل أولى، والتقدير: أتطرب طربًا؟ وإنما ذكر المصدر دون الفعل لأنه أعم وأبلغ في المراد، قال أبو ..: همزة الاستفهام فيه للإثبات والتقرير والتوبيخ، ومن ههنا عودل بها أم، لأن أم يثبت بها الشيء مبهمًا، فلما تشابها من باب الإثبات وقعا معًا موقع أي، قال: لا يعادل أم سوى الألف، فيكون معه بمنزلة أيهما، وإنما جاز ذلك في الألف، ولم يجز في هل، لأن الألف قد تقع حيث يراد الإثبات والتقرير، ولا يراد التفهم والاستعلام، كمال قال تعالى: ﴿أليس الله بكافٍ عبده﴾ [الزمر /٣٦] يريد التقرير، فلما كانت في الاستفهام بالألف وأم مدعيًا لأحد الشيئين أو الأشياء مثبتًا له، لم يجز أني قع بما سوى الألف لذا المعنى، بخلاف هل، لأنك لا تقرر بها إنما تستقبل بالاستفهام، فلو قلت: هل طوبًا، لم يجز، فأما قوله تعالى: لآهل يسمعونكم إذ تدعون﴾ [الشعراء /٧٢] فإنما هو إرشاد لا تقرير، ليكون ذلك داعية إلى النظر، ولو كان بالألف لجاز أن يظن بهم السماع والمتابعة على ذلك، وإن مخرج الكلام على التقرير والإنكار فقط، ومثل الآية قوله تعالى: ﴿هل في ذلك قسم لذي حجر﴾ [الفجر/٥]. وزعم الفراء أن هل استعملت في الإثبات، واحتج بقول الله تعالى: ﴿هل في ذلك قسم﴾ و﴿هل أتى على الإنسان
1 / 54