وقد استشهد الرضي بعدة أبيات من هذه القصيدة، وأول موضع أورد فيه منها باب الإضافة، وهو الشاهد الثاني بعد الثلاثمائة، وقد بسطنا الكلام هناك، وذكرنا ترجمته. وولد الكميت في سنة ستين، وتوفي رحمه الله تعالى في سنة ست وعشرين ومائة.
وأورد بعده، وهو الانشاد الثامن:
(٨) ثم قالوا تحبها قلت بهرا ... عدد الرمل والحصا والتراب
وقال: اختلفوا فيه فقيل: أراد أنحبها؟ وقيل: إنه خبر، أي: أنت تحبها، ومعنى: قلت بهرًا، قلت: أحبها حبًا بهرني بهرًا، أي: غلبني، وقيل: معناه عجبًا، ومثله كلام ابن الشجري في المجلس الرابع والثلاثين من «أماليه»، وقال المبرد في «الكامل»: قال قوم: أراد بقوله: تحبها، الاستفهام، كما قال امرؤ القيس:
أحار ترى برقًا أريك وميضه
فحذف ألف الاستفهام، وهو يريد: أترى برقًا؟ قالوا: أراد: أنحبها؟ وهذا القول خطأ فاحش، إنما يجوز حذف الألف إذا كان في الكلام دليل عليها، وسنفسر هذا ونذكر الصواب منه، إن شاء الله تعالى. قوله: تحبها، إيجاب عليه غير استفهام، إنما قالوا: أنت تحبها، أي: قد علمنا ذاك، فهذا معنى صحيح
1 / 33