فوالله ما أدري وإني لحاسب ... بسبع رميت الجمر أم بثمان
بضمير المتكلم في «رميت»، قال السيوطي: وهذا الوجه أوجه بلا شك، فإن الإخبار بذهوله عن فعله لشغل قلبه بما رأى، أبلغ من الإخبار بذهوله عن فعل الغير، وفيه سلامة من التأويل المذكور، وقال ابن الملا في شرحه: هذا في حيز المنع، إذا ليس في ذهول الإنسان عن فعل نفسه، وإن كان ذا خطر كثير أمر، كيف وإن وقوعه أكثر من أن يحصى! بخلاف ذهول الإنسان عن فعل الغير المتصدي لمراقبته شهودًا أو غيبة، فإن العادة تقضي، والمذهب الغرامي يوجب، أن من تصدى لمراقبة فعل الأحباب كان أبعد من أن يذهل عنه، فإذا ذهل عنه كان في حيز التعجب، هذا كلامه. أقول: كان الشاعر وحبيبته في موقف عبادة، وهي رمى الجمرات، ولم نجر عادة في عد حصيات الغير لا من عاشق ولا من غيره، وإنما محل التعجب أن يكون الإنسان في ذلك المقام متوجهًا إلى الله تعالى بالعبادة وترك ما سواه، فلشدة اشتغال باله بها ذهل عن عد الحصيات، والله تعالى أعلم.
وعمر ابن أبي ربيعة هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، واسمه: حذيفة القرشي المخزومي، وهو من طبقة جرير والفرزدق وعبد الله بن قيس الرقيات، لم يكن في قريش أشعر منه، وهو كثير الغزل والنوادر، ولد ليلة الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، ومات سنة ثلاث وتسعين وترجمته في «الأغاني» طويلة.
وأورد بعده، وهو الانشاد السابع:
(٧) طر بت وما شوقًا إلى البيض أطرب ... ولا لعبًا مني وذو الشيب يلعب
1 / 29