وفي كلا الاحتمالين نظر: أما الأول، فلأنه لا وجه للحلف على شيء لم يعرفه في الزمن الحالي، ولا الزمن الماضوي في هذا المقام، وإنما المراد أني مع كوني من أهل المعرفة، ذهلت عن عد الحصيات، بسبب اشتغال حواسي بتلك المحاسن.
وأما الثاني، فلأن «إن» المخففة تلزم اللام الفارقة، فكان يلزمه أن يقول: وإن كنت لدرايا.
وقوله: بسبع رمين ... الخ، الجمر كالتمر: اسم جنس يطلق على القليل والكثير، والواحد جمرة، وهي ثلاث الأولى: الجمرة التي تلي مسجد الخيف، والثانية: الجمرة الوسطى، والثالثة: جمرة العقبة، وكل واحدة ترمى بسبع حصيات، وإنما يحصل الاشتباه في الرمي بسبع أو بثمان عند الجمرة الأولى والوسطى، قال صاحب «المصباح»: وكل شيء جمعته فقد جمرته، ومنه الجمرة، وهي مجتمع الحصى بمنى، فكل كومة من الحصى جمرة والجمع جمرات، وجمرات منى ثلاث، بين كل جمرتين [نحو] غلوة سهم. انتهى.
والنون في «رمين» ضمير النسوة، أراد محبوبته وصواحبها، وقال الدماميني: الضمير عائد على البنان، أو إلى المرأة وصواحبها، وقال ابن الملا الحلبي في شرحه: أتى بضمير الوجه للتعظيم، وفيه أن المعهود عند قصد التعظيم الواو، كما قال تعالى: ﴿وقال لأهله امكثوا﴾ [طه /١٠] وقال كعب بن زهير:
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا
على أن في تعظيم الغائب منعًا من الرضي والتفتازاني وغيرهما بيناه مفصلًا في «حاشية شرح بانت سعاد» عند الكلام على المصراع المذكور. وروى الزبير بن بكار في أنساب قريش» البيت هكذا:
1 / 28