الضمير المؤنث لأسماء في أول القصيدة، قال الإمام المرزوقي في «شرح أشعار الهذليين»: أخذ في هذه الأبيات يقص كيف توصل إليها، ويعد أنواع ما قاساه فيها، وكل هذا تحزن وتحسر. ودخول «من» في أحوالها لبيان ابتداء الطواف، وأنه لم يجسر على الدنو منها، فأخذ يطوف حواليها، وإنما قال: من أحوالها، ولم يقل: من حولها، لاختلاف مواقع المطاف، وأراد أن ينبه على أنها عفيفة عزيزة محتشمة، وأن بعلها عظيم الموقع في النفوس، يخاف فيما لا يعلمه، وأن ينبه على أنه يهوى المنيع الشاق الذي يطلب دهرًا فلا ينال.
وقوله: ثلاثة أحوال: انتصب على البدل من سنين، والهون بالضم: الذل، واستحار بالحاء المهملة، يقال: استحار الشباب إذا تم وانتهىو وأصله من التحير، ومثله: استحار المسافر إذا أقام أيامًا في موضع. والمعنى: لما كملت السنون التي هبتها أن أواجهها بما في نفسي، وانقضت بهوان علينا لازم لما كنت أتولاه فيها، وأبذل من نفسي في سببها وألتزمه من التصاغر والتذلل لمن حولها وتخير ماء الشيبة في مجاريه منها، فبرعت محاسنها، وبلغت النهاية، عيل صبري.
وقوله: دعاني إليها، هذا جواب «لما» في البيت قبله، وهو رواية أبي عمرو، وروى غيره «عصاني إليها القلب ... الخ» قال المرزوقي: أي عصاني القلب مائلا إليها وذاهبًا نحوها، فانقدت لهواه وآثرت العدول إلى رضاه إذ كان الغلبة له، وقوله: فما أدري .. الخ، أراد: التبس الأمر علي، فلم أدر أطلابها رشد أم غي؟ وهذا بيان حاله حين عصاه القلب وركبه الهوى، فتمكن منه، وذلك لأنه فارقه الجلد والحزم، فاستوى لذيه الحسن والقبيح.
1 / 23