فشككت بالرمح الأصم ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم
ومنهم من حمل الثياب على حقيقتها، وقال: كنى بتباين الثياب عن تباعدهما، وقال: إن ساءك شيء من أخلاقي فاستخرجي ثيابي من ثيابك، أي: ففارقيني كما تحبين، فإني لا أوثر إلا ما آثرت لانقيادي، وإن كان فراقي سبب هلا كي، هذا كلام الزوزني.
وقال الإمام الباقلاني: ذكر الثوب وأراد البدن، مثل قوله تعالى: ﴿وثيابك فطهر﴾ وقال أبو عبيدة: هذا مثل الهجر. وهو بيت ركيك المعنى، وكل ما أضاف إلى نفسه ووصف به نفسه سقوط وسقه وسخف يوجب قطعه، فلم لم يحكم على نفسه بذلك! ولكن يورده [مورد] أن ليست له خليقة توجب هجرانه، وأنه مذب الأخلاق، فذلك يوجب أن لا تنفك من وصاله. والاستعسارة في المصراع الثاني فيها تواضع وتقارب وإن كانت غريبة، انتهى كلامه.
وقوله: أغرك مني ... الخ، الهمزة للاستفهام، وغره: خدعه وأطمعه بالباطل، وقال الزوزني: أغرك: أحملك على الغيرة، وهو فعل من لم يجرب الأمور، يقول: أغرك مني كون حبك قاتلي، وكون قلبي مطيعًا لك بحيث مهما أمرته بشيء فعله؟ فألف الاستفهام للتقرير، وقيل: معناه: قد غرك مني أنك علمت أن حبك مذللي – والقتل: التذليل – وأنك تملكين فؤادك مهما أمرت قلبك بشيء أسرع إلى مرادك، فتحسبين إني أملك عنان قلبي كما ملكت عنان قلبك حتى يسهل علي فراقك كما سهل عليك فراقي!
وقال الإمام الباقلاني: قد عيب هذا عليه، لأنه قد أخبر أن من سبيلها أن
1 / 18