.........
- شتا شتى في مأرب وإذا صاف صاف في ظفار. وكانت مأرب بها نشوء أبناء الملوك ويتعلمون بها الكلام، وكان ابن الحميري إذا بلغ قال: أرسلوا به إلى مأرب ليتعلم فيها المنطق، وكان في ظفار أسطوان من البلد الحرام مكتوب في أعلاها بكتاب من الكتاب الأول: لمن الملك ظفار لحمير الأخيار، لمن الملك ظفار لفارس الأحرار، لمن الملك ظفار لقريش التجار.
فلما قدمها تبع نشرت التوراة اليهود، وجعلوا يدعون الله على النار حتى أطفأها الله، وكان لأهل اليمن شيطان يعبدونه قد بنوا له بيتا من ذهب وجعلوا بين يديه حياضا وكانوا يذبحون له فيها، فيخرج فيصيب من ذلك الدم ويكلمهم ويسألونه وكانوا يعبدونه.
فلما أن أطفأت اليهود النار قالوا لتبع: إن ديننا هذا الذي نحن عليه خير من دينك، فلو أنك تابعتنا على ديننا فقد رأيت أن إلهك هذا لم يغن عنك شيئا ولا عن قومك عند الذي نزل بكم، فقال تبع: فكيف نصنع به ونحن نرى منه ما ترون من الأعاجيب؟ فقالوا: أرأيت إن أخرجناه عنك أتتبعنا على ديننا؟ قال: نعم، فجاءوا إلى باب ذلك البيت فجلسوا عليه بتوراتهم ثم جعلوا يذكرون اسم الله، فلما سمع بذلك الشيطان لم يثبت وخرج جهارا حتى وقع في البحر، وهم ينظرون، وأمر تبع بيته ذلك الذي كان فيه فهدم، وتهود بعض ملوك حمير، ويزعم بعض الناس أن تبعا كان قد تهود.
قال: ولما فعل تبع ما فعل غضبت ملوك حمير وقالوا: أما كان يرضى أن يطيل غزونا ويبعدنا في المسير من أهلنا حتى طعن علينا أيضا في ديننا وعاب آباءنا؟ فاجتمعوا على أن يقتلوه ويستخلفوا أخاه من بعده.
وأخرج قصة تبع أيضا من طريق ابن إسحاق: ابن جرير في تاريخه [2/ 105- 109- 110] وفي السياق اختلاف في اللفظ.
وأخرجها باختلاف أيضا أبو الوليد في تاريخ مكة [1/ 132- 134] ، وابن عساكر [11/ 10- 18] من طرق.
Page 108