Shamāʾil al-Rasūl ṣallā Allāh ʿalayhi wa-ālih wa-sallam
شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
Publisher
دار القمة
Edition Number
-
Publisher Location
الإسكندرية
Genres
الفائدة السابعة:
اختلف العلماء في هذه الفئة، فقيل: هم أهل الحديث، وقيل: هم أهل الجهاد، وقيل: هم العلماء، وقيل: هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وأرى أن المقصود من هذه الفئة هم هؤلاء جميعا لأن الدين لا يقوم إلا بهم مجتمعين، وكل منهم على ثغر من ثغور الإسلام.
٥- أمة يعلّمها الروح الأمين:
عن عمر بن الخطّاب قال: بينما نحن عند رسول الله ﷺ ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثّياب شديد سواد الشّعر، لا يرى عليه أثر السّفر، ولا يعرفه منّا أحد، حتّى جلس إلى النّبيّ ﷺ فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفّيه على فخذيه وقال: «يا محمّد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله ﷺ: الإسلام أن تشهد ألاإله إلا الله وأنّ محمّدا رسول الله ﷺ، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلا» . قال: صدقت. قال: فعجبنا له يسأله ويصدّقه. قال: فأخبرني عن الإيمان، قال:
«أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشرّه» . قال: صدقت.
قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: «أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك» . قال:
فأخبرني عن السّاعة، قال: «ما المسئول عنها بأعلم من السّائل» . قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: «أن تلد الأمة ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشّاء يتطاولون في البنيان» . قال:
ثمّ انطلق فلبثت مليّا، ثمّ قال لي: «يا عمر أتدري من السّائل؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنّه جبريل، أتاكم يعلّمكم دينكم» . رواه مسلم «١» .
الشاهد في الحديث:
أن جبريل ﵇، وهو أمين وحي السماء، وهو- بالإجماع- أفضل الملائكة وأعظمها، ولذلك اختصه الله- ﷿ بأعظم الوظائف وأجلّ المهام، وهي تبليغ الوحي للرسل صلوات الله وسلامه عليهم جميعا، وقد وصفه الله- ﷾ في القرآن بصفات عظيمة فقال في حقه: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء: ١٩٣]، وقال: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ [التكوير: ٢٠]، وقال: ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى [النجم ٦]، أقول: الشاهد أن هذا الملك العظيم، جاء يعلم هذه الأمة أمر دينها، ففي الحديث قوله ﷺ: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم»، وهذا غاية اعتناء المولى- ﷿ بهذه الأمة.
(١) مسلم، كتاب: الإيمان، باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (٨) .
1 / 260