هذا ملك ثان يموت تحت عينها ولا تدري كيف تواري سوءته.
وعاودها حنان الأنثى، فحملته على صدرها إلى مخدعه، ثم أسبلت أجفانه، وشدت لثامه، ومدت على وجهه الغطاء؛ ثم أغلقت من دونه الباب وأوت إلى غرفتها تفكر.
امرأة في رونق الصبا قد فقدت رجلها!
ملكة ذات سلطان توشك أن تنزل عن العرش!
قائد في المعركة قد أحيط به ويوشك أن يتخلى عنه عسكره!
كذلك كانت منذ بضع سنين يوم دهم الموت الملك الصالح بالمنصورة، وكذلك هي الليلة؛ ولكنها الليلة لا تملك تدبيرا ولا فكرا؛ لأن في نفسها روح الجريمة!
وأوشكت أن تصرخ مستغيثة، ثم تماسكت وتخبطها الشيطان فلم تحسن تدبيرا أو تحكم فكرة.
وأشرق الصباح على جسد مسجى في فراشه وإلى جانبه امرأة باكية، وعرف كل من في القصر أن الملك المعز قد مات!
وبلغ النبأ «أم علي» بنت الأشكري، زوجة أيبك الأولى، فصحبت فتاها يهرولان إلى قصر القلعة. •••
وقالت المرأة وقد وقفت إلى جانب ولدها بإزاء سرير الميت: لا، إنه لم يمت حتف أنفه، لقد قتلته شجرة الدر. - من أين لك علم هذا يا سيدتي؟ - لأنه أراد أن يروعها بضرتين ! - ولماذا لم تقتليه أنت يوم راعك بزواج شجرة الدر؟ - كنت أتربص به!
Unknown page