وكانت فرانسي قد بلغت السابعة من عمرها، وبلغ نيلي السادسة، وكاتي أخرت فرانسي عن دخول المدرسة ليدخل الطفلان معا، فيستطيع كل منهما أن يحمي الآخر من شر الأطفال الكبار، وتوقفت كاتي في يوم سبت كئيب من شهر أغسطس في حجرة النوم، قبل أن تذهب إلى عملها لتكلم الطفلين، فأيقظتهما وأعطتهما التعليمات. - والآن حين تنهضان، اغتسلا جيدا، وحينما تبلغ الساعة الحادية عشرة اذهبا عند منعطف الشارع إلى مركز الصحة العام، واطلبا القائمين بالعمل هناك أن يطعماكما؛ لأنكما ستذهبان إلى المدرسة في سبتمبر.
وبدأت فرانسي ترتعد، أما نيلي فانفجر باكيا.
واستعطفت فرانسي أمها: أماه، هلا أتيت معنا؟
وقالت كاتي، وهي تخفي تأنيب ضميرها بالتظاهر بالسخط: علي أن أذهب إلى العمل، فمن ذا يقوم بعملي إن لم أقم به؟
وسكتت فرانسي ولم ترد، وأدركت كاتي أنها تتخلى عنهما، ولكن لم تكن لها حيلة في ذلك، أجل لم تكن لها حيلة في ذلك!
كان يجب عليها أن تذهب معهما حتى يستمدا من وجودها القوة والطمأنينة، ولكنها تعلم أنها لن تحتمل تلك المحنة، وكان لا بد من تطعيمهما، وإن وجودها معهما هناك أو في أي مكان آخر لن يمنع وقوع الأمر، فلماذا لا يستغنى عن واحد من ثلاثتهم، ثم قالت لنفسها إن الحياة قاسية مريرة ولا مفر من أن يعيشاها، فلتتركهما يرعيان نفسيهما ليصلب عودهما وهما لا يزالان صغيرين.
وقالت فرانسي في أمل: إن أبي سيذهب معنا إذن؟ - إن أباك في مركز الإدارة ينتظر عملا، وسوف يغيب عن البيت طول اليوم، وقد بلغتما سنا تسمح لكما بالذهاب وحدكما، ثم إن التطعيم لن يؤلمكما.
وصرخ نيلي بصوت أكثر حدة، وما كان بوسع أمه احتمال ذلك، فهي تحب الصبي حبا جما، وقد حملها على الإحجام عن الذهاب معهما أنها كانت لا تحتمل أن ترى الصبي يتألم، حتى ولو بوخزة إبرة، وكادت تقرر الذهاب معهما، ولكنها أحجمت، إنها لو ذهبت فسوف تفقد نصف يوم من أيام العمل وتضطر إلى تعويضه صباح يوم الأحد، ثم إنها خليقة بأن يحل بها المرض من بعد! وهما خليقان أن يتصرفا بدونها على نحو ما.
وأسرعت خارجة إلى عملها.
وحاولت فرانسي أن تهدئ روع نيلي المذعور، فقد أخبره بعض الصبية الكبار بأنهم سيقطعون ذراعه، حين يذهب إلى مركز الصحة، وأخذته فرانسي إلى الفناء لتزيل من عقله تلك الفكرة، وأخذا يصنعان أقراصا من الطين، ونسيا كل النسيان أن يغتسلا كما قالت لهما أمهما.
Unknown page