ونظرت إليه فرانسي في تعجب، إنه يعبر ذلك الجسر المسحور، ومع ذلك لا يزال يتكلم، ويبدو كما كان دائما، ولم تستطع أن تعقل ذلك، ورفعت يدها ولمست ذراعه، لا شك أن خبرته العجيبة في عبور ذلك الجسر، خليقة بأن تجعل من جسمه شيئا آخر، وخاب أملها حين شعرت بذراعه كما كانت تشعر به دائما.
وأحاطها جوني بذراعه حين شعر بلمسة يدها، وابتسم لها وسألها: كم عمرك أيتها المغنية الأولى؟ - أكملت السادسة وبدأت السابعة. - سوف تذهبين إلى المدرسة في شهر سبتمبر. - لا! لقد قالت أمي إن علي أن أنتظر حتى السنة القادمة، حين يكبر نيلي فيمكننا أن نبدأ معا. - لماذا؟ - حتى نستطيع أن نعاون بعضنا بعضا على الأطفال الكبار، الذين قد يضربوننا لو كنا واحدا فقط. - إن أمك تفكر في كل شيء!
والتفتت فرانسي ونظرت إلى الأسطح الأخرى، وكان هناك سطح بالقرب منها يحتوي على قفص للحمام، وكان الحمام قد حبس فيه في أمان، ولكن صاحب الحمام، وهو شاب في السابعة عشرة، وقف على طرف السطح ومعه عصا طويلة من الخيزران في نهايتها خرقة، ووقف الصبي يحرك العصا في حركة دائرية، وهناك سرب آخر من الحمام يطير محوما، وتركت إحدى الحمائم السرب لتتبع الخرقة الطائرة، وخفض الفتى العصا في حرص، وتبعت الحمامة البلهاء الخرقة، فاختطفها الصبي ووضعها في القفص، وشعرت فرانسي بالأسى: لقد سرق الفتى الحمامة.
وقال جوني: وسوف يسرق شخص في الغد إحدى حمائمه.
وطفرت الدموع من عينيها، وقالت: ولكن الحمامة المسكينة قد انتزعت من أقاربها، وربما يكون لها صغار.
وقال جوني: إنني لن أبكي، ربما أرادت الحمامة أن تنأى عن أقاربها، وإذا لم يرقها القفص الجديد، فسوف تطير عائدة إلى القفص القديم حين تخرج مرة ثانية.
وهدأ قلب فرانسي.
ولم يتكلما فترة طويلة، ووقفا وقد تشابكت يداهما على طرف السطح، ينظران من وراء النهر إلى نيويورك، وقال جوني أخيرا كأنما يكلم نفسه: سبع سنين! - ماذا تقول يا أبي؟ - لقد تزوجنا أنا وأمك منذ سبع سنين. - هل كنت موجودة حين تزوجتما؟ - لا. - ولكنني كنت موجودة حين جاء نيلي. - هذا صحيح.
وعاد جوني يفكر بصوت عال: تزوجنا منذ سبع سنين، وسكنا في ثلاثة بيوت، سوف يكون هذا هو بيتي الأخير.
ولم تلاحظ فرانسي أنه قال بيتي الأخير، بدلا من بيتنا الأخير.
Unknown page