Shajarat tanmū fī Brooklyn
شجرة تنمو في بروكلين
Genres
ودوى صوت انفجار شديد، وانبعثت رائحة شياط الثوب من الثقب الذي احترق في «مريلة» كاتي، وانقلبت شفة الرجل المنحرف لتكشف عن أسنان قذرة متكسرة، ووضع يديه على معدته وسقط على الأرض، وابتعدت يداه عن جسمه وهو يخبط الأرض، وسال الدم فغطى جسمه، وامتلأ الممر الضيق برائحة الدخان.
وانطلقت صرخات النساء، ودوى صوت الأبواب وهي تفتح بشدة، ووثبت الأقدام تجري في الممرات، وبدأ الناس في الشوارع يندفعون كالسيل إلى الردهة، وازدحم مدخل الباب في لحظة بالكتل البشرية، حتى استحال على أي شخص أن يدخل أو يخرج.
وأمسكت كاتي بيد فرانسي وحاولت أن تجرها لتصعد بها فوق السلم، ولكن يد الطفلة تجمدت على العمود، ولم تستطع أن تفتح أصابعها، وضربت كاتي حين يئست من فتح أصابعها معصم فرانسي بطرف الغدارة الغليظ، فارتخت عضلات الأصابع المتشنجة في النهاية، وجرت كاتي فرانسي فوق درجات السلم وفي ردهات الشقق، وظلت تلقى النساء خارجات من شققهن، وهن يصرخن قائلات: ماذا حدث؟ ماذا حدث؟
وقالت لهن كاتي: إن كل شيء على ما يرام الآن، إن كل شيء على ما يرام الآن!
وظلت فرانسي تتعثر وتسقط على ركبتها، فاضطرت كاتي أن تجرها على ركبتها طول الردهة الأخيرة، وأدخلتها الشقة، ووضعتها على الأريكة في المطبخ، ثم أغلقت الباب بالسلسلة، وبينما هي تضع الغدارة بعناية بجوار قطعة الصابون الأصفر، لمست يداها مصادفة فوهة الغدارة، فارتاعت حين وجدتها ساخنة، ولم تكن كاتي تعرف شيئا عن الغدارات، ولم تكن أطلقت غدارة من قبل، فاعتقدت أن السخونة قد تجعلها تنطلق من تلقاء نفسها، ففتحت غطاء حوض الغسيل وألقت الغدارة في الماء، حيث كانت بعض الملابس القذرة قد نقعت، وألقت قطعة الصابون وراءها، وقد ارتبط في ذهنها وجود قطعة الصابون بالحادث كله، وذهبت إلى فرانسي وقالت: هل أصابك سوء يا فرانسي؟
وقالت وهي تئن: لا يا أمي، ولكن جسمه لامس جسمي.
ودق الناس الباب يريدون أن يعرفوا ماذا حدث، وتجاهلتهم كاتي وتركت الباب مغلقا، وأعطت فرانسي قدحا من القهوة الصرف المغلية لتشربه، ثم أخذت تذرع الحجرة جيئة وذهابا، وأصبحت ترتعد، فقد كانت لا تدري ماذا تفعل بعد ذلك.
وكان نيلي يتسكع في الشارع حين دوى صوت الطلقة، فشق طريقه إلى مدخل البيت أيضا، حين رأى الناس يتزاحمون عليه وصعد السلم ونظر من أعلى إلى أسفل، وكان الرجل المنحرف قد تكوم حيث سقط، بعد أن مزقت النساء المتزاحمات سرواله عن جسمه، وداس فوق لحمه كل من استطاع أن يقترب منه وهرسه بكعبه، وكان البعض الآخر يرفسونه ويبصقون عليه، لكن الجميع انهالوا عليه بالسباب البذيء صارخين، وسمع نيلي اسم أخته يتردد على الأفواه: فرانسي نولان. - أجل، فرانسي نولان. - أواثق أنت؟ فرانسي نولان؟ - نعم، لقد رأيت بعيني. - ذهبت أمها و... - فرانسي نولان؟
وسمع صوت ناقوس عربة الإسعاف، وظن نيلي أن فرانسي قد قتلت، فقفز يقطع درجات السلم جريا وهو ينشج باكيا، ودق الباب صارخا: دعيني أدخل يا أمي! دعيني أدخل!
وفتحت كاتي له الباب ليدخل ، وأخذ يصرخ بصوت عال حين رأى فرانسي نائمة على الأريكة، وبدأت فرانسي تصرخ أيضا.
Unknown page