وجاءت مارجريت مرفوعة الرأس، وجاءت الشمبانيا. وقالت مشرقة الوجه: كان من المؤسف أن أسافر فجأة. - فجأة؟ - تلقيت برقية من الخارج.
وتفحصها بحب استطلاع، وهو يعجب للقوة التي تدفعه نحوها، ودعاها للذهاب معه، فقالت: ليس الليلة.
فضبط أعصابه متسائلا: متى؟ - ليكن غدا.
وعاد إلى عشه حوالي الواحدة، فوجد وردة جالسة بالحجرة الشرقية، فقبلها ثم سألها كما كان يسأل زينب: ما زلت مستيقظة؟
فقالت بعتاب: طبعا!
ورنت إليه طويلا، ثم قالت: أرجو ألا تكون أفرطت في الطعام أو الشراب.
ولما استلقى في البيجاما على الديوان، زحفت نحوه حتى ألصقت شفتيها بشفتيه. ولم يكن راغبا في شيء ألبتة، ولكنه قال لنفسه: «لتكن ليلة شرعية.» ولم يدر كيف يعتذر في الليلة التالية، وحدثته بالتليفون، فلم يشر إلى غيابه المنتظر. ومضى إلى باريس الجديدة وهو يهنئ نفسه على استهانته، ورأى الضوء الأحمر يلون مارجريت بلون الجنيات الساحرات. وهزه منظر عنقها النحيل ودسامة صوتها. وغشى دخان السجائر الفوانيس الأسبانية المدلاة من سقف مزخرف برسوم العرايا. وتساءل: من أين تتسلل النشوة إلى هذا المكان المغلق المعبق برائحة الخمر والسجائر؟ وراء عمود ضخم مضيء من الداخل رأى متعانقين في ذهول الأموات. ولكن كيف اقتلعت وردة من نفسه كأنها زهرة صناعية؟ ولماذا يلح الموت على تذكرينا بنفسه بين كل عمل وآخر؟ ومن ذا يستطيع أن يؤكد أن هؤلاء السكارى موجودون؟
ولما انطلقت بهما السيارة نحو الهرم، قالت: الليل بارد.
فشغل جهاز التدفئة، فقالت: لم لا تذهب إلى بيتك؟ - لا بيت لي.
وأوقف السيارة في محيط من الظلام تحت غطاء كثيف من السحب، وقال بسرور: لا، نجم واحد.
Unknown page