كانت تزيد على مائة ألف إذ كان كثير الصنائع والبر والاحسان حتى قيل:
إن مدائحه بلغت مائة ألف قصيدة " (1) وكانت نفقاته من مال أبيه وجده، أي ليست من بيت مال المسلمين كما يصنع الخلفاء والأمراء والوزراء فلا عجب - والحال على ما ذكر - أن يكون القاضي من جملة من نال الحظوة عنده، والمنزلة لديه، ولم يمنع الصاحب ما بينهما من الخلاف في المذهب أن يوليه القضاء، ويلقبه بقاضي القضاة، حتى ضاهى - بسبب ذلك - قارون في سعة المال (2)، وأطلق له العنان بنشر أفكاره، وبث آرائه حتى ولو كان فيها ما يناهض عقيدة الصاحب، ويخالف مذهبه وخصوصا في مسألة الإمامة.
ولا يخفى أن حرية الرأي في مختلف الأزمان والأدوار كانت مقتصرة على أصحاب المذهب الرسمي للدولة فلهم أن يقولوا ما شاؤوا، ويحكموا بما أرادوا، أما غيرهم فليس لهم إلا الاتهام بالكفر، والمروق من الدين، وكان الواحد منهم ذا حظ عظيم إذا قنعوا منه بما وسموه به وإلا فعاقبته القتل أو السجن، ومصير كتبه إلى النار.
وعلى سبيل المثال لا الحصر ما ذكره ابن الأثير في الكامل: أنه ورد إلى الخليفة القادر بالله كتاب من السلطان محمود بن سبكتكين أنه حارب الباطنية والمعتزلة والروافض فصلب منهم جماعة وحول من الكتب خمسين حملا ما خلا كتب المعتزلة والفلاسفة والروافض فإنها أحرقت تحت جذوع المصلوبين إذ كانت أصول البدع كما أحرق مكتبة الصاحب بن عباد التي تقدم ذكرها والتي قال عنها أبو الحسن البيهقي " وجدت فهرست تلك الكتب عشر مجلدات " لما ورد الري وقيل له: إن هذه الكتب كتب --- ... الصفحة 10 ... ---
Page 5