قد أفسد القول حتى أحمد الصمم
وبلغ سخطه على سيف الدولة غايته حينما حضر مجلسه مرة، وكان به أبو الطيب اللغوي وأبو عبد الله بن خالويه النحوي فجاء في عرض الحديث بيت المتنبي:
لقد تبصرت حتى لات مصطبر
فاليوم أقحم حتى لات مقتحم
فقال ابن خالويه: في هذا البيت لحن شنيع، لأن «لات» لا تجر ما بعدها؛ إذ ليست هي من حروف الجر. فقال أبو الطيب اللغوي: إن بعض العرب يجر الاسم بعدها، فأنكر عليه ابن خالويه ذلك، فنهره المتنبي في غضب وقال: اسكت فما أنت إلا أعجمي لا يفهم أساليب اللغة، فإن من العرب من يجر الاسم بعد «لات»، قال شاعرهم:
طلبوا صلحنا ولات أون
فأجبنا أن ليس حين بقاء
فغضب ابن خالويه، وأخرج من كمه مفتاحا من حديد، فصك به المتنبي في وجهه، فأسال دمه. فنظر أبو الطيب حوله فلم ير من سيف الدولة استنكارا ولا أسفا، فخرج من عنده كالبعير الصائل، وقد عزم ألا يكون ثالث الأذلين عير الحي ووتده، وجعل يردد:
فلا عبرت بي ساعة لا تعزني
ولا صحبتني مهجة تقبل الظلما
Unknown page