الرجوع عن الخطأ من صفات الفضلاء
والخامس: أن الفاضل في الدين يُسرع بالرجوع، فإن الناس يخطئون والصحابة بشر يخطئون، ولكن ما هو الفرق بيننا وبين الصحابة؟ أنهم أقل أخطاءً منا بكثير، ولكن إذا أخطئوا سرعان ما يرجعون إلى الصواب وإلى الحق ﵃.
فالمشكلة حصلت بين أبي بكر وعمر ولكن أبا بكر وعمر ﵄ رجعا بسرعة، فندم أبو بكر ليس بعد هذه الخصومة بساعات طويلة أو أيام أو شهور وإنما ندم مباشرةً، فرجع إلى بيت عمر، ولما أخطأ عمر ولم يقبل اعتذار أبي بكر، ندم عمر بسرعة وذهب إلى بيت الصديق، وهذه السرعة العجيبة في الرجوع إلى الحق هي التي ميزت أولئك القوم؛ حتى صاروا أفضل هذه الأمة، واختارهم الله لصحبة نبيه ونصرة دينه، والجهاد مع محمدٍ ﷺ ومعايشة التنزيل ونزول الوحي، فهم أنصاره ووزراؤه رضي الله تعالى عنهم، وهم أفقه الأمة وأعلمها بالحلال والحرام وأبرها قلوبًا، ولا يبغضهم إلاَّ منافق ولا يسبهم إلا ملعون.
وينطبق في أبي بكر وعمر ﵄ قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف:٢٠١] أي: هؤلاء المتقون إذا مسهم طائف من الشيطان كغضب في خصومة، أو سوء تفاهم فإنهم سرعان ما يرجعون، ولذلك قال الله: ﴿تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف:٢٠١] وسرعة رجوعهم إلى الحق هذه من مناقبهم وفضائلهم رضي الله تعالى عنهم.
إن الصحابة بشر يخطئون، وهل هناك أعظم من أبي بكر وعمر -رضي الله تعالى عنهما- بعد النبي ﷺ؟!! ومع ذلك حصل منهم ما يحصل من البشر من سوء التفاهم والخصومة، فهم بشر! وليسوا ملائكة، وهم يخطئون ويقع منهم الخطأ، لكنهم رجاعون إلى الحق، وهذه هي الميزة العظيمة التي عندهم.
6 / 10