Seerah of the Noble Companion Mus'ab ibn Umair
سيرة الصحابي الجليل مصعب بن عمير ﵁ -
Publisher
دار الأوراق الثقافية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٥ هـ
Genres
عليه، حتى " أصابه من الشدة ما غَيَّر لونه وأذهب لحمه، ونهكت جسمه حتى كان رسول الله ﷺ ينظر إليه، وعليه فروة قد رفعها، فيبكي لما كان يعرف من نعمته، وحلفت أمه حين أسلم وهاجر ألا تأكل ولا تشرب ولا تستظل بظل حتى يرجع إليها، فكانت تقف للشمس حتى تسقط مغشيا عليها، وكان بنوها يحشون فاهها بشجار، وهو عود، فيصبون فيه الحساء لئلا تموت " (١).
ولذا تغيرت حياة مصعب بن عمير ﵁ وتبدلت أحواله في ملبسه ومأكله وشأنه كله، فقد قال علي بن أبي طالب ﵁: إنا لجلوس مع رسول الله ﷺ في المسجد إذ طلع علينا مصعب بن عمير ﵁، وما عليه إلا بردة له مرقوعة بفرو، فلما رآه رسول الله ﷺ بكى للذي كان فيه من النعمة، والذي هو فيه اليوم، ثم قال رسول الله ﷺ: «كيف بكم إذا غدا أحدكم في حلة وراح في حلة، ووضعت بين يديه صحفة، ورفعت أخرى، وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة؟» قالوا: يا رسول الله، نحن يومئذ خير منا اليوم، نتفرغ للعبادة ونكفى المؤنة، فقال رسول الله ﷺ: «أنتم اليوم خير منكم يومئذ» (٢).
وعن عروة بن الزبير عن أبيه ﵁ قال: كان رسول الله ﷺ جالسًا بقُباء ومعه نفر، فقام مصعب بن عمير ﵁ عليه بردة ما تكاد تواريه، ونكَس القوم، فجاء فسلم، فردوا عليه، فقال فيه النبي ﷺ خيرًا وأثنى عليه، ثم قال: «لقد رأيت هذا عند أبويه بمكة يكرمانه وينعمانه، وما فتى من فتيان قريش مثله، ثم خرج من ذلك
_________
(١) عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي: الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام، ٤/ ٥٢.
(٢) الترمذي: سنن الترمذي، كتاب أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، باب حديث علي في ذكر مصعب بن عمير ...، ٤/ ٦٤٧، رقم ٢٤٧٦، هذا حديث حسن غريب.
1 / 25