235

Asrār al-balāgha - taḥqīq Maḥmūd Shākir

أسرار البلاغة - ت محمود شاكر

Publisher

مطبعة المدني بالقاهرة

Publisher Location

دار المدني بجدة

Genres

من القرب والبعد وغيرهما من الأوصاف الخاصة
بالأشياءِ المحسوسة، لم يمكنّا تخيّلُ شيءٍ من تلك الأوصاف في الأشياء المعقولة، فلا يُتصوَّر مَعنَى كونِ الرجل بعيدًا من حيث العزّة والسلطان، قريبًا من حيث الجُود والإحسان، حتى يخطر ببالك وتطمح بفكرك إلى صورة البدر وبُعد جِرْمه عنك، وقُرب نوره منك، وليس كذلك الحال في الشيئين يُشبه أحدهما الآخر من جهة اللون والصورة والقدر، فإنك لا تفتقر في معرفة كونِ النَّرجس وخَرْطه واستدارته وتوسُّط أحمره لأبيضه إلى تشبيهه بمَدَاهن عقيق، كيف وهو شيء تعرضه عليك العينُ، وتضعه في قلبك المشاهدة، وإنما يزيدك التشبيهُ صورةً ثانيةً مثل هذه التي معك، ويجتلبها لك من مكان بعيد حتى تراهما معًا وتجدهما جميعًا، وأما في الأول، فإنك لا تجد في الفَرْع نفس ما في الأصل من الصفة وجنسه وحقيقته، ولا يُحضِرك التمثيلُ أوصافَ الأصل على التعيين والتحقيق، وإنما يُخيّل إليك أنه يحضرك ذلك، فإنه يُعطيك من الممدوح بدرًا ثانيًا، فصار وِزانُ ذلك وزانَ أن المرآة تُخيّل إليك أنّ فيها شخصًا ثانيًا صورتُه صورة ما هي مقابِلةٌ له، ومتى ارتفعت المقابلة، ذهب عنك ما كنت تتخيّله، فلا تجد إلى وجوده سبيلًا، ولا تستطيع له تحصيلًا، لا جملةً ولا تفصيلًا. اءِ المحسوسة، لم يمكنّا تخيّلُ شيءٍ من تلك الأوصاف في الأشياء المعقولة، فلا يُتصوَّر مَعنَى كونِ الرجل بعيدًا من حيث العزّة والسلطان، قريبًا من حيث الجُود والإحسان، حتى يخطر ببالك وتطمح بفكرك إلى صورة البدر وبُعد جِرْمه عنك، وقُرب نوره منك، وليس كذلك الحال في الشيئين يُشبه أحدهما الآخر من جهة اللون والصورة والقدر، فإنك لا تفتقر في معرفة كونِ النَّرجس وخَرْطه واستدارته وتوسُّط أحمره لأبيضه إلى تشبيهه بمَدَاهن عقيق، كيف وهو شيء تعرضه عليك العينُ، وتضعه في قلبك المشاهدة، وإنما يزيدك التشبيهُ صورةً ثانيةً مثل هذه التي معك، ويجتلبها لك من مكان بعيد حتى تراهما معًا وتجدهما جميعًا، وأما في الأول، فإنك لا تجد في الفَرْع نفس ما في الأصل من الصفة وجنسه وحقيقته، ولا يُحضِرك التمثيلُ أوصافَ الأصل على التعيين والتحقيق، وإنما يُخيّل إليك أنه يحضرك ذلك، فإنه يُعطيك من الممدوح بدرًا ثانيًا، فصار وِزانُ ذلك وزانَ أن المرآة تُخيّل إليك أنّ فيها شخصًا ثانيًا صورتُه صورة ما هي مقابِلةٌ له، ومتى ارتفعت المقابلة، ذهب عنك ما كنت تتخيّله، فلا تجد إلى وجوده سبيلًا، ولا تستطيع له تحصيلًا، لا جملةً ولا تفصيلًا.

1 / 237