151

Secrets of Eloquence - Ed. Mahmoud Shaker

أسرار البلاغة - ت محمود شاكر

Publisher

مطبعة المدني بالقاهرة

Publisher Location

دار المدني بجدة

Genres

المشَّبه والمشبَّه به من الجهة التي بها شَبَّهتَ، إلاّ أنه كان خفيًا لا ينجلي إلا بعد التأنُّق في استحضار الصور وتذكُّرها، وعرض بعضها على بعض، والتقاطِ النُّكتة المقصودة منها، وتجريدِها من سائر ما يتّصل بها، نحو أن تُشَبّه الشيءَ بالشيء في هيئة الحركة، فتطلب الوفاق بين الهيئة والهيئة مجرّدةً من الجسم وسائر ما فيه من اللون وغيره من الأوصاف؟ كما فعل ابن المعتز في تشبيه البَرْق حيث قال: يث قال: وكأنَّ البَرْقَ مُصَحَفُ قَار ... فَانطِباقًا مَرّةً وانفِتَاحَا لم ينظر من جميع أوصاف البرق ومعانيه إلا إلى الهيئة التي تجدها العين له من انبساطٍ يعقبه انقِباضٌ، وانتشارٍ يتلوه انضمامٌ، ثم فَلَى نفسَه عن هيئات الحركات لينظر أيُّها أشبه بها، فأصاب ذلك فيما يفعله القارئ من الحركة الخاصّة في المصحف، إذا جعل يفتحه مرة ويُطبقه أُخرى، ولم يكن إعجابُ هذا التشبيه لك وإيناسه إياك لأن الشيئين مختلفان في الجنس أشدَّ الاختلاف فقط، بل لأنّ حَصلَ بإزاء الاختلاف اتفاقٌ كأحسن ما يكون وأتمَّه، فبمجموع الأمرين شدّة ائتلافِ في شدّة اختلاف حلا وحسُن، ورَاقَ وفَتَن، ويدخل في هذا الوضع الحكاية المعروفة في حديث عَدِيّ بن الرِّقاع، قال جرير أنشدني عدي: " عَرَف الديارَ تَوَهُّمًَا فاعتادَهَا ".

1 / 153