ونحن اليوم لن تصلح أمورنا ما لم نختر الأسياد من الخدمة الصالحين.
في جنوب لبنان، ألوف من مشردين يتضورون تحت أفياء الشجر، وينتظرون وصول الأرغفة من بيروت. لماذا؟
عشنا ثلاثين عاما نقول لليهود: لن نقبلكم فاتحين في أرض ورثناها، واليوم نضرع إليهم أن اقبلونا لاجئين في أرض فقدناها. لماذا، لماذا؟
حين تعالت صرخات نساء العرب الثكالى، من أخرس المدافع العربية؟ من أخرسها؟ من جمد الجيوش في مراكزها؟
من الذين أقاموا للمستعمرين عرشا للجهل والخيانة والصغارة والعبودية، وقدموا فلسطين أكلة دسمة لليهود، وطافوا على اليهود بأقداح ملئت بدماء ضحايا العرب؟
من هم أساطين الخداع الذين يصقلون بالدم البريء كذبهم البراق؟
من هم؟
أناس ولدوا أسيادا!
حينما ندعو النجار ليصلح نافذة الغرفة نتثبت من مقدرته ومن معداته الميكانيكية، ولكننا في الأقطار العربية لا نزال نسلم مقاليد أمورنا وأسباب موتنا وحياتنا لأناس لا نسألهم من أنتم، بل من كان جدكم الأعلى.
إن لبنان الوطن الذي نشتهي له أن يمشي طليقا من الأغلال لن يصبح ما نشتهي، ولن يكون نصيبه بأفضل من نصيب جيرانه إلا إذا تحرر من عبودية الماضي، وأفسح المجال لأمثال المنذر كي يشقوا طريقهم إلى الطليعة. إنه لنظام فاسد فاسق مجرم فتاك بالقومية ذلك الذي يعزل عن الأمة كفاءات الأحياء ليفرض عليها نزوات بيولوجية الأموات.
Unknown page