مواجهة الجيش الإسلامي ، وألقوا السلاح ، واستقبلوا جنود الإسلام بالاحضان.
كانت الروم تمر آنذاك بظروف اشبه ما تكون بظروف القرون الاوربية الوسطى التي ينقل عنها « فلاماريون » الفلكي الشهير القضايا التالية التي تدل على المستوى الفكري والثقافي لاوربة في القرون الوسطى :
لقد كان كتاب « المجموعة اللاهوتية » المظهر الكامل للفلسفة المدرسية في القرون الوسطى ، وقد بقي هذا الكتاب يدرس في أوربة خلال أربعمائة سنة ككتاب رسمي ومعترف به.
وقد كان من الأبحاث المطروحة في هذا الكتاب البحث حول عدد الملائكة التي يمكنها ان تستقر على راس إبرة؟! أو عدد الفراسخ بين العين اليسرى والعين اليمنى للاب الخالد؟! إلى غير ذلك من القضايا التافهة!!
إن الامبراطورية الرومية السيئة الحظ فيما كانت تعاني من الحروب الخارجية الكثيرة ، كانت تعاني كذلك من النزاعات والاختلافات الداخلية التي كانت على الاغلب تتصف بالصبغة المذهبية والطائفية وكانت تدفع بالبلاد إلى حافة الهاوية ، وتزيدها قربا إليها يوما بعد يوم.
ولما رأى اليهود ( وهي الزمرة الشريرة المتآمرة على الشعوب دائما ) تصاعد الاضطهاد والضغط الذي يمارسه الامبراطور المسيحي الرومي خططت لاسقاط ذلك النظام ، فاحتلت مدينة انطاكية ذات مرة ، ومثلت بأسقف أنطاكية الاكبر فصلموا اذنه ، وجدعوا أنفه ، فانتقمت حكومة الروم لهذه الجناية بعد مدة ، وقتلت اليهود في انطاكية في مذبحة عامة.
وقد تكررت هذه الجرائم الفضيعة وهذه المذابح ، والمذابح الانتقامية المضادة بين اليهود والنصارى عدة مرات ، وربما سرت موجة الروح الانتقامية أحيانا إلى خارج البلاد ، فمثلا اشترى اليهود من ايران ذات مرة ثمانين الف مسيحي ثم حزوا رؤوسهم انتقاما وتشفيا.
من هذا يستطيع القارئ الكريم أن يقف على الصورة القاتمة للوضع السيء والمتردي الذي كان عليه العالم إبان بزوغ شمس الإسلام ، ويذعن مع
Page 100