229

هذا مضافا إلى أنه لم يكن يصاحب صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الراهب كل تلك الاشهر الاربعة بل ان اللقاء الذي وقع إتفاقا في أحد منازل الطريق لم يستغرق سوى عدة ساعات لا اكثر.

3 إن النص التاريخي يشهد بأن « ابا طالب » كان ينوي اصطحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الشام ، ولم يكن مقصده الأصلي « بصرى » بل إن « بصرى » كان منزلا في أثناء الطريق تستريح عنده القوافل التجارية أحيانا ، ولفترة جدا قصيرة.

فكيف يمكن في مثل هذه الصورة ان يمكث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تلك المنطقة ، ويشتغل بتحصيل علوم « التوراة » و « الانجيل » ومعارفهما؟ سواء قلنا بأن « ابا طالب » أخذه معه إلى الشام ، أو عاد به من تلك المنطقة إلى مكة أو أعاده بصحبة أحد إلى مكة؟!

وعلى كل حال فان مقصد القافلة ومقصد « ابي طالب » لم يكن « بصرى » ليقال : ان القافلة اشتغلت فيها بتجارتها ، بينما اغتنم « محمد » الفرصة واشتغل بتحصيل معارف العهدين.

4 إذا كان محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد تلقى امورا ومعارف من الراهب المذكور اذن لاشتهر ذلك بين قريش حتما ، ولتناقل الجميع خبر ذلك بعد العودة إلى مكة.

هذا مضافا إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفسه ما كان يتسطيع أن يدعي امام قومه في ما بعد بأنه امي لم يدرس كتابا ، ولا تلمذ على أحد ، في حين أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم افتتح رسالته بهذا العنوان ، ولم يقل أحد ، يا محمد كيف تدعي بأنك لم تقرأ ولم تدرس عند احد وقد درست عند راهب « بصرى » وتلقيت منه هذه الحقائق الناصعة وانت في الثانية عشرة من عمرك؟

لقد وجه مشركوا مكة جميع انواع الإتهام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبالغوا في البحث عن أية نقطة ضعف في قرآنه يمكن أن يتذرعوا بها لتفنيد دعوته ، حتى أنهم عندما شاهدوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات مرة عند

Page 234