فقال الخليفة: «لقد سمعت كلام المهدي عندما قال إنه لا يرغب في أية علاقة بينه وبين غير المؤمنين، وإنه يمكنه أن يهزم أعداءه بدون أن يستعين بهم.»
فقلت: «هذا أكيد، ولا فائدة من وجود هذا الرجل هنا، ويمكنه أن يعود إلى وطنه ويخبر الناس هناك بالانتصارات التي يحرزها المهدي وخليفته.»
فقال الخليفة: «لعله يفعل ذلك بعد، أما الآن فقد أمرته أن يبقى مع زكي طومال الذي سيعنى به ويقدم له حاجاته.»
فقلت له بلهجة التوسل: «ولكنه يجد مشقة عظيمة في التعبير عن فكره بالعربية؛ إذ هو لا يزال يجهلها.»
فقال الخليفة: «لقد تمكن من الوصول إلينا بدون مترجم، ولكني مع ذلك أسمح لك بزيارته.»
ثم أخذ يتكلم عن أشياء أخرى وأخذني لرؤية الخيول التي أهداها إليه زوجال من دارفور، وكنت أعرف بعضها جيدا. وبعد أن تركته ذهبت إلى أوليفيه بان فوجدته قد أسند رأسه على يديه وهو في تفكير عميق، ولما رآني هب واقفا وقال: «لا أعرف ماذا أقول عن كل هذا، لقد أمروني أن أمكث هنا وأحضروا لي أمتعتي ووكلوا بي رجلا يدعى زكي، فلم لم يتركوني أمكث معك؟»
فقلت بلهجة العطف: «هذه هي طبيعة المهدي، والخليفة شر منه في ترتيب الأشياء على ضد ما يرغب الإنسان، وأنت الآن تمتحن في الصبر والطاعة والإيمان، ولكن لا تخش شيئا فإن الخليفة يتوجس منا شرا نحن الاثنين، ويجب أن نبقى منفصلين حتى لا ننتقد أعماله.»
ثم قلت لزكي طومال: «يا صديقي هذا رجل غريب فأنا أوصيك به خيرا، فكن معه بحق صداقتنا القديمة.»
فقال: «لن يحتاج إلى شيء أستطيع تقديمه إليه.»
ثم قال بتؤدة: «ولكن الخليفة أمرني أن أمنع الناس من مخاطبته، فأرجوك ألا تقابله كثيرا.»
Unknown page