151

Ṣayd al-Khāṭir

صيد الخاطر

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publisher Location

دمشق

-والعياذ بالله- فلم تجد معرفة توجب الرضا أو الصبر، أخرجت إلى الكفر.
ولقد سمعت بعض من كنت أظن فيه كثرة الخير، وهو يقول في ليالي موته: ربي هو ذا يظلمني! فلم أزل منزعجًا مهتمًا بتحصيل عدةٍ ألقى بها ذلك اليوم١.
كيف، وقد روي أن الشيطان يقول لأعوانه في تلك الساعة: عليكم بهذا، فإن فاتكم، فلم تقدروا عليه؟!
٤٣٨- وأي قلب يثبت عند إمساك النفس، والأخذ بالكظم٢، ونزع النفس، والعلم بمفارقة المحبوبات إلى ما لايدري ما هو، وليس في ظاهره إلا القبر والبلاء.
٤٣٩- فنسأل الله ﷿ يقينًا يقينًا٣ شر ذلك اليوم، لعلنا نصبر للقضاء أو نرضى به، ونرغب إلى مالك الأمور في أن يهب لنا من فواضل نعمه على أحبابه، حتى يكون لقاؤه أحب إلينا من بقائنا، وتفويضنا إلى تقديره أشهى لنا من اختيارنا.
ونعوذ بالله من اعتقاد الكمال لتدبيرنا، حتى إذا انعكس علينا أمر، عدنا إلى القدر بالتسخط، وهذا هو الجهل المحض والخذلان الصريح، أعاذنا الله منه.

١ في الأصل: القرن.
٢ الكاظم: مخرج النفس.
٣ يقينا: يحفظنا.
٨٨- فصل: صفة العارف
٤٤٠- ليس في الدنيا ولا في الآخرة أطيب عَيْشًا من العارفين بالله ﷿. فإن العارف به مستأنس به في خلوته، فإن عمت نعمة، علم من أهداها، وإن مَرَّ مُرٌّ حلا مذاقة في فيه، لمعرفته بالمبتلي، وإن سأل فتعوق مقصوده، صار مراده ما جرى به القدر، علا منه بالمصلحة، بعد يقينه بالحكمة، وثقته بحسن التدبير.
٤٤١- وصفة العارف: أن قلبه مراقب لمعروفه١، قائم بين يديه، ناظر بعين اليقين إليه، فقد سرى من بركة معرفته إلى الجوارح ما هذبها.
فإن نطقت فلم أنطق بغيركم ... وإن سكت فأنتم عقد إضماري

١ معروفه: خالقه ﷿.

1 / 153