============================================================
صوم القلب تعبد التقليد(1) تعبذ من غير تربية وتصفية، كمن شرب شربة من غير احتماء، ولا بقانون معرفة مزاج، بل على وجود جهل وتخليط. كما لم تؤثر تلك الشربة في غلته، كذلك لم تؤثر تلك العبادة في تصفيته . وقد ثبت بقول الله 3 الورسوله أن للعبادة تأثير في قمع المذموم ودفع المنهي عنه ح؛ فإذا لم يوجد فهو عبادة تعيد، لا عبادة سلوك.
وقد يوجد في الناس من المتعيدين ذو عبادة واجتهاد، وما زالت مذموماته والاستنارة باطنه (2)، ليعبد الله على غفلة وسهو وكدورة. وهو آن يتعبد ويجتهد وأمله طويل، وحرصه زائد شديد، وحبه للدنيا والدرهم متجاوز الحد، إلى غير ذلك. فعليه، تكون ح تلك العبادة، أنه تعبد 9 بتفسه وإرادته وتدبيره لنفسه، فلم يؤثر فيه لوجود نفسه ما بينه وبين عبادته، وكأنه شرب الدواء ولم يؤثر في معالجة الداء، وهو يظن أته زال عنه الداء، وأثر فيه الدواء. فكذا، هذا يظن أنه بعيد عن الافات، والآفات محيطة (3) 12 به. فمن خرم لذات الأعمال، ونسيم صفاء الأوقات(4)، تواترت عليه [وفادة] الآفات، وهو لا يشعر. إذ ليس فيه مفرق يفرق بين الحق والباطل.
كما قال، عليه السلام : "واعظ الله في قلب كل(5) امري(6) مسلم"(27). وإذا15 لم يكن في قلبه آمر وزاجر من الله، ولم يكن له دليل يرجع إليه ويحكم
Page 47