Sawarim Muhraqa
الصوارم المهرقة
Investigator
السيد جلال الدين المحدث
Publication Year
1367 AH
النبي صلى الله عليه وآله إلا ستة أشهر وكانت إمامته بالسلطنة والملك والغلبة فرق ما بين الفرق والقدم ومع قطع النظر عن علو شأنه في نظر قريش وأنه من حيث إرادتهم دفع علي عليه السلام عن مقامه به ودنو كعب معاوية في نظرهم كان المسلمون حديثي عهد بالجاهلية في زمان أبي بكر وأخويه ولم يكونوا راسخين في الإسلام بل كانوا مستعدين للارتداد وإفناء الإسلام عن أصله بأدنى سبب وأقل فتنة بخلاف الزمان الذي وصل فيه الخلافة إلى علي عليه السلام كما لا يخفى وأيضا من البين أن ما حصل له في أول خلافته من إجماع أكثر المهاجرين وسائر الأنصار وأعراب البوادي والقفار عليه كان وافيا في نظر العقل لدفع معاوية وعزله وإزالة بدعه وتجبره على المسلمين ومخالفته لدين سيد المرسلين لكن عائشة وطلحة والزبير فرقوا جمعيته عليه السلام بالخروج والبغي عليه عند ذلك وجرأوا معاوية أيضا على منازعته والخروج عليه بل كاتبوه والتمسوا منه خروجه من الشام معاونة لهم غاية الأمر أنه أخر الخروج تأنفا عن لزوم متابعتهم ثم خرج مستقلا إلى حرب علي عليه السلام في صفين وكان آثار غلبة علي عليه السلام في طول أيام ذلك الحرب ظاهرة حتى عجز أصحاب معاوية ورفعوا المصاحف على رؤس رماحهم صلحا وشفاعة لكن جماعة من رؤساء عسكر أمير المؤمنين عليه السلام كأشعث بن قيس وعبد الله بن وهب الراسبي وأمثالهما الذين استمالهم معاوية مكرا وخدعة مرقوا عن الدين فقلبوا الأمر وألجأوه عليه السلام إلى قبول الحكمين ومع ذلك حيث لم يتم أمر الحكمين اغتنم معاوية فرصة الهرب إلى الشام ورجع أمير المؤمنين عليه السلام إلى حرب الخوارج المارقين كما فصل في كتب السير والتواريخ وأما ما ذكره من سؤال العباس مبايعته له عليه السلام وعدم قبوله عليه السلام لذلك ففيه أن الوجه فيه أنه عليه السلام كان يعرف باطن الأمر وكلام العباس كان على الظاهر ولا يمتنع أن يغلب في ظنه
Page 72