دُخُول مَكَّة ذَلِك الْعَام وَوَقع الصُّلْح على أَن يدخلهَا من الْعَام الْقَابِل وَلم يَجْسُر أحد من الصَّحَابَة غير الصّديق على أَن يتفوه لعروة بِكَلِمَة مَعَ أَنه نسبهم أَجْمَعِينَ إِلَى الْفِرَار وَإِنَّمَا أَجَابَهُ الصّديق فَقَط فَدلَّ ذَلِك على أَنه أشجعهم كَمَا مر عَن عَليّ
وَمن شجاعته الْعُظْمَى قِتَاله لمانعي الزَّكَاة وعزمه عَلَيْهِ وَلَو لوحده كَمَا قَدمته مَبْسُوطا أول الْفَصْل الثَّالِث ومختصرا آنِفا فَرَاجعه
وَمن ذَلِك أَيْضا قِتَاله مُسَيْلمَة اللعين وَقَومه بني حنيفَة مَعَ أَن الله وَصفهم بِأَنَّهُم أولو باس شَدِيد بِنَاء على أَن الْآيَة نزلت فيهم كَمَا قَالَه جمع من الْمُفَسّرين مِنْهُم الزُّهْرِيّ والكلبي
وَمن ذَلِك أَيْضا ثباته عِنْد مصادمة المصائب المدهشة الَّتِي تذهل الْحَلِيم لعظمها كثباته حِين دهش النَّاس لمَوْت رَسُول الله ﷺ فَإِنَّهُم ذهلوا حَتَّى عمر وَهُوَ من هُوَ فِي الثَّبَات فَجزم بِأَنَّهُ ﷺ لم يمت وَقَالَ من زعم ذَلِك ضربت عُنُقه حَتَّى قدم أَبُو بكر من مَسْكَنه بالعوالي فَدخل على النَّبِي ﷺ وكشف عَن وَجهه فَعرف أَنه قد مَاتَ فأكب عَلَيْهِ يقبله ويبكي ثمَّ خرج إِلَيْهِم فاستسكت عمر عَن قَوْله مَا مر فَأبى لما هُوَ فِيهِ من الدهش فَتَركه وَتكلم