فبغض الصَّحَابَة كلهم وبغض بَعضهم من حَيْثُ الصُّحْبَة لَا شكّ أَنه كفر وَأما سبّ أَو بغض بَعضهم لأمر آخر فَلَيْسَ بِكفْر حَتَّى الشَّيْخَيْنِ ﵄ نعم حكى القَاضِي فِي كفر سابهما وَجْهَيْن وَجه عدم الْكفْر أَن سبّ الْمعِين أَو بغضه قد يكون لأمر خَاص بِهِ من الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة أَو غَيرهَا كبغض الرافضي لَهما فَإِنَّهُ إِنَّمَا هُوَ جِهَة الرَّفْض وتقديمه عليا واعتقاده بجهله أَنَّهُمَا ظلماه وهما مبرآن عَن ذَلِك فَهُوَ مُعْتَقد لجهله أَنه ينتصر لعَلي لِقَرَابَتِهِ ﵁ للنَّبِي ﷺ فَعلم أَن بغض الرافضي لِلشَّيْخَيْنِ إِنَّمَا هُوَ لما اسْتَقر فِي ذهنه لجهله وَمَا نَشأ عَلَيْهِ من الْفساد من اعْتِقَاده ظلمهما لعَلي وَلَيْسَ كَذَلِك وَلَا عَليّ يعْتَقد ذَلِك قطعا
ومأخذ تَكْفِير الرافضي بذلك أَنه يعود من اعْتِقَاده ذَلِك فيهمَا نقص فِي الدّين لِأَنَّهُمَا الأَصْل بعد النَّبِي ﷺ فِي إِقَامَة الدّين وإظاهره ومجاهدة الْمُرْتَدين والمعاندين وَمن ثمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة ﵁ لَوْلَا أَبُو بكر مَا عبد الله بعد مُحَمَّد ﷺ أَي لِأَنَّهُ الَّذِي رأى قتال الْمُرْتَدين مَعَ مُخَالفَة أَكثر الصَّحَابَة لَهُ حَتَّى أَقَامَ عَلَيْهِم الْأَدِلَّة الْوَاضِحَة على قتال الْمُرْتَدين ومانعي الزَّكَاة إِلَى أَن رجعُوا إِلَيْهِ وقاتلوهم بأَمْره فكشف الله بِهِ وبهم تِلْكَ الْغُمَّة وأزال عَن الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين تِلْكَ المحنة