324

Al-Ṣārim al-munki fī al-radd ʿalā al-Subkī

الصارم المنكي في الرد على السبكي

Editor

عقيل بن محمد بن زيد المقطري اليماني

Publisher

مؤسسة الريان

Edition Number

الأولى

Publication Year

1424 AH

Publisher Location

بيروت

الشعبي لم يصرح بقول له ومثل هذا لا يقدح، وكذلك رأيت فيه عن إبراهيم قال: كانون يكرهون زيارة القبور، وهذا لم يثبت عندنا ولم يبين إبراهيم الكراهة عمن ولا كيف هي.
فقد تكون محمولة على نوع من الزيارة مكروة، ولم أجد شيئًا يمكن أن يتعلق به الخصم غير هذين الأثرين ومثلهما لا يعارض الأحاديث الصريحة والسنن المستفيضة والمعلومة من سير الصحابة والتابعين ومن بعدهم، بل لو صح عن الشعبي والنخي التصريح بالكراهة، لكان ذلك من الأقوال الشاذة التي لا يجوز اتباعها والتعويل عليها. انتهى كلامه.
والجواب: من وجوه؛ أحدها: أن يقال شيخ الإسلام لم يذهب إلى ما نقل عن الشعبي والنخعي في هذا الباب ولم يقل أن زيارة القبور محرمة، ولا مكروهة،بل ذكر أنها على أنواع كما تقدم ذكره قريبًا، وقال: إن زيارة قبور المؤمنين مستحبة للدعاء للموتى مع السلام عليهم، فقول المعترض: ولم أجد شيئًا يمكن أن يتعلق به الخصم غير هذين الأثرين، كلام في نهاية السقوط.
الوجه الثاني: وهذا لم يثبت عندنا فيما رواه ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي كلام ساقط أيضًا، وذلك أن هذا الأثر المذكور عن إبراهيم، رواه عن منصور بن المعتمر وهو من أثبت الناس في إبراهيم أو أثبتهم ورواه عن منصور سفيان الثوري وهو أثبت الناس فيه بلا خلاف، ورواه عن الثوري عبد الرزاق وغيره، فقول المعترض: «هذا لم يثبت عندنا» بعد إطلاعه على إسناده ووقوفه عليه يقينًا يدل على أنه في غاية الجهالة، وفي نهاية العناد واتباع الهوى، وقد علم المبتدئون في هذا العلم القاصرون فيه أن ما رواه سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي من أثبت الروايات وأصح الأسانيد، بل أصح أسانيد أهل الكوفة على الإطلاق الثوري عن منصور عن إبراهيم، فإذا قال القائل فيما نقل بهذا الإسناد، وهذا لم يثبت عندنا دل على فرط جهله، وعمى بصيرته أو على شدة معاندته ومتابعته هواه نسأل الله التوفيق.
الوجه الثالث: أنه ليس في المسألة إجماع لتحقيق ثبوت الخلاف فيها عن بعض المجتهدين، وإن كان قوله ضعيفًا من حيث الدليل، قال شيخ الإسلام في أثناء كلامه (١)، مع أن نفس زيارة القبور مختلف في جوازها قال ابن بطال في شرح البخاري: كره قوم زيارة القبور، لأنه روي عن النبي ﷺ أحاديث في النهي عنها وقال الشعبي: لولا أن

(١) انظر الرد على الأخنائي ص٧٧.

1 / 328