Al-Ṣārim al-munki fī al-radd ʿalā al-Subkī
الصارم المنكي في الرد على السبكي
Investigator
عقيل بن محمد بن زيد المقطري اليماني
Publisher
مؤسسة الريان
Edition Number
الأولى
Publication Year
1424 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Ḥadīth Studies
إن جعلناه معطوفًا على جاءوك لم يحتج إليه، هذا كله إن سلمنا أن النبي ﷺ لا يستغفر بعد الموت، ونحن لا نسلم ذلك لما سنذكره من حياته ﷺ واستغفاره لأمته بعد موته، جاء مستغفرًا ربه تعالى، فقد ثبت على كل تقدير أن الأمور الثلاثة المذكورة في الآية حاصلة لمن يجيء إليه ﷺ مستعفرًا في حياته وبعد مماته.
والآية وإن وردت في أقوام معينين في حالة الحياة فتعم بعموم العلة كل من وجد فيه ذلك الوصف في الحياة وبعد الموت.
ولذلك فهم العلماء من الآية العموم في الحالتين، واستحبوا لمن أتى قبر النبي ﷺ أن يتلوا هذه الآية ويستغفر الله تعالى، وحكاية العتبي في ذلك مشهورة وقد حكاها المصنفون في المناسب من جميع المذاهب والمؤرخون وكلهم استحسنوها ورأوها من أدب الزائر، ومما ينبغي له أن يفعله، وقد ذكرناها في آخر الباب الثالث، انتهى ما ذكره.
والجواب: أن يقال: قوله: وهي قربة بالكتاب والسنة والإجماع والقياس، الكلام عليه من وجوه.
الأول: مطالبته بتصحيح دعواه وإلا كانت مجردة عما يثبتها.
الثاني: أن القربة هي ما يجعله الله ورسوله قربة، إما بأمره، وإما باختياره إنها قربة وإما بالثناء على فاعلها، وإما يجعل الفعل سببًا لثواب يتعلق عليه، أو تكفير سيئات، أو غير ذلك من الوجوه التي يستدل بها على كون الفعل محبوبًا لله مقربًا إليه.
الثالث: إنه لا يكفي مجرد كون الفعل محبوبًا له في كونه قربة، وإنما يكون قربة إذا لم يستلزم أمرًا مبغوضًا مكروهًا له، أو تفويت أمر هو أحب إليه من ذلك الفعل، وأما إذا استلزم ذلك فلا يكون قبرة، وهذا كما أن إعطاء غير المؤلفة قلوبهم من فقراء المسلمين وذوي الحاجات منهم؛ وإن كان محبوبًا لله فإنه لا يكون قربة إذا تضمن فوات ما هو أحب إليه من إعطاء من يحصل بعطيته قوة في الإسلام وأهله،وإن كان قويًا غنيًا غير مستحق.
وكذلك التخلي لنوافل العبادات إنما يكون قربة إذا لم يستلزم تعطيل الجهاد الذي هو أحب إلى الله سبحانه من تلك النوافل، وحينئذ فلا يكون قربة في تلك الحال، وإن كان قربة في غيرها.
وكذلك الصلاة في وقت النهي إنما لم تكن قربة لاستلزامها ما يبغضه الله سبحانه ويكرهه من التشبه ظاهرًا بأعدائه الذين يسجدون للشمس في ذلك الوقت.
1 / 315