فقاطعه يوري مرة ثانية وقد هاجه أن هذا الغبي يظن نفسه أذكى الاثنين: «إذا كنت قد قلت كلا فإني أعني ما أقول. ما أسخفك! أريد أن أقول ...»
فقال: «قد يكون هذا كذلك. وأنا آسف إذا كنت قد أسأت الفهم.» وهز فون دايتز كتفيه الضيقتين هزة المتنازل إلى التسامح وكأنه يقول إنه فاز على مناظره.
ولم يفت يوري هذا المعنى فكاد يخنقه الغضب وقال: «لست أنكر أن المسيحية قامت بدور عظيم ...»
فصاح فون دايتز: «آه! إنك الآن تناقض نفسك.» والتز هذا النصر وسره جدا أنه يفوق يوري ذكاء وفطنة.
فقال يوري بحرارة: «ربما خيل إلى مثلك أني أناقض نفسي ولكن الواقع أن فكرتي منطقية وليس ذنبي أنك لا تريد أن تفهم. ولقد قلت وأقول الآن إن المسيحية قد غبر عهدها وإن من العبث أن نتطلع إليها لخلاصنا.»
فسأله فون دايتز قائلا: «نعم نعم. ولكن هل تريد أن تنكر التأثير الحسن الذي أحدثته المسيحية باعتبارها قاعدة النظام الاجتماعي؟»
أجاب: «كلا! لا أنكر ذلك.»
فقال سانين: «ولكني أنكره.» وكان يسير إلى الآن صامتا وراءهما وكان صوته هادئا لذيذا على العكس من المتناظرين، فصمت يوري وغاظته هذه اللهجة الساخرة المضبوطة النبرات، ولكنه لم يجد الرد حاضرا ولم يكن يحب أن يناظر سانين لأن معجم ألفاظه المألوف لم يكن يجديه في هذا النزال، وكان يخيل له إذا قارعه كأنما هو واقف على الجليد يحاول أن يهدم حائطا. غير أن فون دايتز صاح مغضبا: «أتسمح لي أن أسألك لماذا؟»
فقال سانين بلهجة جافية باردة: «لأني أنكر ذلك.»
أجاب يوري: «لأنك تنكر ذلك؟ إذا قرر المرء شيئا فيجب عليه أن يثبته.»
Unknown page