159

فسأله نوفيكوف: «إلى أين تذهب؟»

قال: «إن سفاروجتش وذلك الضابط الذي يعجب بتولستوي - ما اسمه؟ - قد دعواني.»

فقالت ليدا ضاحكة: «أتعني فون دايتز؟» - «هو بعينه. ولقد أرادا أن نكون جميعا هناك ولكني قلت لهما إنك لست في البيت.»

فسألته ليدا ضاحكة أيضا: «لماذا قلت له ذلك؟ ربما كنت أذهب.»

فقال سانين: «كلا. ابقيا هنا. ولو كان معي رفيق لبقيت مثلكما.» ثم تركهما.

وزحف الليل وارتمت على الأرض غيابات الطفل وبدأ أول نجم يرتعش في مرآة النهر المتدفق.

الفصل الثالث والعشرون

كانت الليلة داجية والسحب يطارد بعضها بعضا فوق الأشجار وكانت تمضي مسرعة كأنها مرسلة إلى غاية خفية والنجوم تتلامح لحظة وتختفي أخرى، وكل شيء في السماء كأنه في هرج ومرج، على حين كانت الأرض كمن ينتظر شيئا وهو معلق الأنفاس، فكانت الأصوات الآدمية المتنازعة وسط هذا السكون مستثقلة عالية.

قال فون دايتز وهو يتعثر تعثرا شديدا: «مهما يكن من الأمر فإن المسيحية نعمة باقية وبركة خالدة على الإنسانية إذ كانت هي النظام الوحيد التام المفهوم للأخلاق.»

فقال يوري وكان سائرا خلفه ورمى برأسه يمنة على سبيل التحدي وعينه إلى ظهر الضابط: «هذا صحيح. ولكن المسيحية في صراعها مع الغرائز الحيوانية في الإنسان ظهر أنها عاجزة كغيرها من الأديان.»

Unknown page