131

فقال سانين مقاطعا: «لا تدخل بينهما. دعهما يقتتلان ويفرغان من الأمر.»

وعاد نوفيكوف فقال مجيبا سارودين بنفس اللهجة وعيناه إلى كأسه: «ليس في الأمر تخيل وإنما هو كذلك.»

ولم يكد يقولها حتى حال بين المتنافسين حائط من اللحم والدم وكثر الصياح والتلويح بالأذرع وانطلقت الألسنة بعبارات المزاح والدهشة، وأمسك مالينوسكي وفون دايتز بسارودين ورد إيفانوف والضباط الآخرون نوفيكوف وأترع إيفانوف الكئوس وقال شيئا غير معتمد أحدا بخطابه وصار السرور متكلفا لا إخلاص فيه، وأحس نوفيكوف أن خروجه واجب ولم يطق البقاء، فابتسم ابتسامة خرقاء والتفت إلى إيفانوف والضباط الذين كانوا يعالجون أن يلفتوا نظره إليهم، وقال يحدث نفسه: «ماذا دهاني؟ أحسب أن واجبي أن أضربه ... أن أهجم عليه وألكمه في عينه، وإلا عدوني طفلا إذ لا بد أن يكونوا قد حزروا أني أحتك به ...»

ولكنه بدلا من أن يفعل هذا ادعى الإهتمام بما يقوله إيفانوف وفون دايتز.

وقال فون دايتز: «أما من حيث النساء فلست أوافق تولستوي كل الموافقة.»

فقال إيفانوف: «إن المرأة ليست إلا أنثى. وقد تجد في كل ألف رجل واحدا جديرا بأن يسمى رجلا فأما النساء ... ويحهن إنهن جميعا سواء ولسن إلا قردة عارية حمراء ولكنها بغير أذناب.»

فقال فون دايتز موافقا: «ما أذكى هذا؟»

فقال نوفيكوف بمرارة: «بل ما أصدقه.»

واستمر إيفانوف ملوحا بيديه قريبا من أذن صاحبه فقال: «يا سيدي العزيز، اسمع. إذا ذهبت إلى الناس وقلت لهم (إن المرأة إذا نظرت إلى الرجل نظرة اشتهاء فقد زنت معه في قلبها) كان الأرجح أن يعد أكثرهم هذا القول صحيحا مبتكرا.»

فأخرج فون دايتز ضحكة جشاء كأنها نباح الكلب، ولم يكن قد فهم نكتة إيفانوف، غير أنه على هذا آسف لأنه لم يقلها دونه.

Unknown page