وكان قولها أنها فكرت في هذا من قبل تخيلا محضا ولم تكن تدري عن حياة ريازانتزيف وسلوكه شيئا. نعم إنها تعرف أنها ليست أول من أحب ولا تجهل معنى هذا ودلالته، ولكن وقع هذا الذي تعلمه كان غامضا زائلا.
وكانت تحس أنها تحبه وأنه يحبها. وهذا هو الجوهر وما سواه لا قيمة له ولا وزن. فأما وقد قال أخوها ما قال بلهجة التعنيف والازدراء فقد خيل لها أنها على حرف هاوية واستهولت ما تحدثا عنه، وحسبت أن حلم سعادتها قد انتسخ وأنه لا سبيل إلى إصلاح ما فسد، وأنه لم يعد ثم محل للتفكير في حبها لريازانتزيف.
وحاول يوري وهو يكاد يبكي أن يرفه عنها وجعل يقبلها ويمسح شعرها ولكنها ألحت في البكاء واستسلمت للأسى والمرارة كالطفل.
وأسى يوري لحزنها وما بدا له من ألمها، فعدا إلى البيت وهو ممتقع اللون مضطرب فاصطدم رأسه بالباب وعاد إليها بكوبة ماء أراق نصفها على الأرض وعلى يديه، وقال لها وهو يقدمها إليها. «لا تبكي يا لياليا! لا ينبغي لك أن تبكي هكذا؟ ماذا جرى؟ ما خطبك؟ لعل أناتول بافلوفتش خير من الباقين يا لياليا؟»
وجعل يكرر ذلك وبه من اليأس خاطر.
ولكن لياليا ظلت تعول وترجف رجفا عنيفا حتى لكانت أسنانها تصطك بزجاج الكوبة.
وجاءت الخادمة وقالت: «ماذا جرى يا سيدتي؟»
فنهضت لياليا واتكأت على سور البهو ومضت وهي باكية تنتفض إلى غرفتها.
فقالت لها خادمتها: «سيدتي العزيزة خبريني ماذا حدث؟ أأدعو سيدي والدك؟»
وخرج في هذه اللحظة أبوها نيقولا من المكتبة يمشي بخطى بطيئة متزنة، فلما أخذت عينه لياليا وقف في الباب وقد أذهله منظرها وسأل: «ماذا حدث؟»
Unknown page