إن اهل العلمنة والحداثة والمغتربين يحاولون استغلال الجانب النفسي في فرض طروحاتهم ، ويعرفون جيدا أن إضعاف أهل الدعوة وإدخال الخلخلة ونزع ثقتهم في المجتمع هو أول مكسب يجب تحقيقه تمهيدا لنشر ضلالاتهم ، ويلجؤون لتحقيق ذلك عن طريق إيهام أهل الدعوة بقوتهم وتضخيم صورتهم وإنجازاتهم وأن دعوتهم قد انتشرت في كل مكان ، مع أنك لو تتبعتهم لوجدتهم شرذمة قليلون ، غير أن علو أصواتهم وخفوت أصوات أهل الحق كثرهم في أعين الناس .
أضف إلى ذلك أنهم غرباء في مجتمعاتنا لا يجدون لهم أذنا صاغية ، فلذلك تراهم يلجؤون للتخفيف من معاناتهم إلى كيل المديح لبعضهم البعض ، ويحاولون إيجاد مجتمعات صغيرة تجمعهم بأشباههم ليبعدوا عنهم الإحساس بالغربة ، فيعقدون المؤتمرات والندوات ويضخمون أنفسهم في وسائل الإعلام التي لهم فيها صوت مسموع ، كل هذا مما يشعرون به من مرارة الغربة والفشل الذريع الذي يحتوشهم من كل جانب .
وإذا فكرت قليلا في أعداد الذين يستجيبون لدواعي المعصية لوجدتهم الأقل بالنسبة للصالحين أو الذين يغلب عليهم الصلاح ، مع أن الغالبية العظمى من العصاة يعترف بخطئه وأن ما يفعله محرم ، وهذا دليل على فشل العلمانية لأن هدفها ليس وقوع المسلم في معصية فقط ، بل هدفها أن يعتقد المسلم حل هذه المعصية ، وبينهم وبين تحقيق هذا الهدف مسافات بعيدة إلا إذا خلت الساحة لهم من أهل الدعوة الحقة .
فلماذا يتكاسل أهل الدعوة ولايقومون بواجبهم تجاه دينهم ، مع أن الغلبة لهم شرعا ومنطقا بعز عزيز أو بذل ذليل .
Page 32