(1) في تفسير القاسمي : ( أي تكون سببا للانتهاء عن ذلك ففيه تجوز في الإسناد ) 5/448 ، وقال ابن الجوزي : ( في معنى هذه الآية للعلماء ثلاثة أقوال : أحدها : أن الإنسان إذا أدى الصلاة كما ينبغي وتدبر ما يتلو فيها نهته عن الفحشاء والمنكر ، هذا مقتضاها وموجبها ، والثاني : أنها تنهاه ما دام فيها ، والثالث : أن المعنى : ينبغي أن تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر ) زاد المسير 6 / 274 وهذا الأخير موافق لما ذكره القاسمي ، والآية في ظاهرها خبر ، وقد جاء مفسرا في حديث مرفوع : ( من لم تتنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا ) أخرجه ابن جرير 10 / 145 وجاء موقوفا على ابن عباس وابن مسعود وروي عن الحسن البصري ، وقد حكم عليه بالبطلان شيخ الحديث الألباني في السلسلة الضعيفة ح 2 وضعفه سندا ومتنا وذكره عن شيخ الإسلام رحمه الله وابن عبدالسلام بأن الصلاة خير والذي يصلي خير من الذي لا يصلي ، في بحث شيق .
لكن : كونه ثبت عن اثنين من الصحابة وبعض التابعين الأجلة فالأفضل أن نحاول إيجاد توفيق له ، وهو ممكن بأن يقال : إن الذي يصلي ويعرف لذة الوقوف بين يدي الله ثم لا يستحي من عصيانه ، مجترىء على الله ، ومع أنه خير من الذي لايصلي لكن الأمر في حقه أفحش ، فالصلاة تزيد من الحجة عليه ، كما أن الذي ينهى عن المنكر ويأتيه ، خير من الذي يأتيه ولا ينكره ، لكن الأول أمره اشد فحشا لأن الحجة عليه أكثر ، فكذلك المصلي الذي يقف بين يدي الله تعالى ويقيم على الفواحش تزيده صلاته بعدا من الله لامن حيث الجملة ، إذ في عمله هذا زيادة جرأة عن الذي يرى فواحشه ويحقر نفسه أن يصلي وأن يقف موقف المصلي ، كما أن العاصي العامي جرمه أخف من العالم ، فعلم العالم الذي يقترف الفاحشة يزيده من الله بعدا ، مع أن العلم في نفسه محمود وطلبه قربة ، والعالم العاصي خير من العاصي غير العالم إذ أن فيه نفع للأمة وقد يبلغ من الدين مالا يعرفه الجاهل ، لكن الحجة عليه أكبر إذ وسع الله له في العلم ، وهذا بطبيعة الحال لا يعني أن صلاة مقترف الفواحش باطلة أو أنها لا أجر فيها أو أن ذلك يعني أن له تركها ، وإنما قلنا هذا لأنه يبعد أن يخفى هذا المعنى عن ابن عباس وابن مسعود وبعض السلف ممن رويت عنهم هذه الكلمة دون نكير ، فدعوى أنها خطأ فيه صعوبة ، وابتغاء تأويل لها ولو كان فيه بعد أولى والله أعلم .
Page 61