فلما أثيرت في سنة 1898 مسألة إدماج العمل للسلام في برنامج المجلس، انقسم أعضاؤه إلى قسمين عند أخذ الرأي عما إذا كان دستور المجلس يسمح بذلك. فجرت مناقشات، ثم مكاتبات بين الليدي أبردين رئيسة المجلس النسائي الدولي، وبين رئيسات المجالس المنتمية إليه في سائر دول أوروبا وأمريكا. وأخيرا قر قرارهن على أن استتباب السلام في العالم هو أحسن سبيل لتطبيق المبدأ الذهبي الذي يعتنقه المجلس. وأن حاجة الإنسانية إلى السلام تفوق حاجتها إلى أي شيء آخر؛ وعليه - وقبل كل شيء - تتوقف سعادتها ورقيها. وبناء على ذلك أدرج قرار بهذا المعنى في برنامج مؤتمر المجلس النسائي الدولي عند انعقاده بمدينة لندن سنة 1899، حيث وافق المؤتمر بالإجماع على التصريح الآتي:
إن المجلس النسائي الدولي يقرر أن يعمل في كل أمة من الأمم بشتى الوسائل على تقوية حركة السلام العالمي بالدعاية لفكرة الالتجاء إلى التحكيم الدولي.
وكان بين السيدات اللاتي حضرن هذا المؤتمر وخطبن فيه: البارونة برتافون سوتنر، وهي السيدة الوحيدة التي نالت جائزة نوبل للسلام، ومؤلفة الكتاب الذائع الصيت المسمى «ضعوا أسلحتكم جانبا». وتعتبر الليدي أبردين - التي ظلت ستا وثلاثين سنة رئيسة للمجلس النسائي الدولي، وهي الآن رئيسته الفخرية - من أقوى الدعاة للسلام بين نساء العالم أجمع. وقد خطبت مرة أثناء الحرب في مدينة جنيف في حفل هائل من السيدات، فناشدتهن قائلة: «إذا كان الغزال البري يعرف كيف يحمي أولاده وكيف يخبئهم في كهوف الصخر إذا ما رأى النسر يحوم فوق رءوسهم، وإذا كانت الأم بين القبائل المتوحشة تعرف كيف تستميت في المحافظة على أطفالها ضد اعتداء القبائل المغيرة على قبيلتها، فهل نعجز نحن أمهات هذا الجيل عن إيجاد وسيلة للتفاهم بيننا، نستمدها من حبنا لأولادنا، وبها نستطيع أن نقضي على تلك الأخطار الجسيمة التي تهدد البشرية في كيانها ووجودها، ألا وهي الحرب؟!»
وتأسست في سنة 1915 في أمريكا أول جمعية نسائية غرضها الوحيد الدعوة إلى السلام تحت رئاسة مسز جين آدمس، وعضوية مسز شابمان كات مؤسسة الاتحاد النسائي الدولي؛ للمطالبة بحق الانتخاب. وفي نفس السنة دعت نساء هولندا إلى عقد مؤتمر في لاهاي، بينما كانت رحى الحرب العالمية دائرة، حضره نساء بعض الدول المتحاربة، ومنها بريطانيا وبلجيكا وألمانيا ونساء اثنتي عشرة دولة.
وليس من ظاهرة أقوى وأدل على قوة شعور المرأة ضد الحرب من تلك التي جمعت على منبر واحد بين نساء دول متعادية. وكن يجهرن بأن الذي جمع بينهن إنما هو شعور إنساني قوي لا يتنافى مع الوطنية بل يعلو عليها. وقلن: «إن الشعور الذي يجمعنا اليوم لهو أقوى من الشعور الذي فرق بيننا.» وقد تعرضت مندوبات البلاد اللاتي حضرن هذا المؤتمر إلى السخرية الشديدة في بلادهن، وإلى تجهم الأوساط الاجتماعية لهن. بل تعرضن للسجن، ولكنهن أظهرن أن المرأة قادرة أن تضع الاعتبارات الإنسانية فوق كل اعتبار، وأثبتن بتلك الشجاعة أنهن أقوى من الرجل، وأقدر على التغلب على الأثرة وحب الذات.
واعترف الرئيس ولسون فيما بعد بأنه استلهم واسترشد بالقرارات التي أصدرها هذا المؤتمر في مبادئه الأربعة عشر المعروفة عنه. ووالت تلك الهيئة بعد ذلك نشاطها بلا انقطاع، كلما عن لها أن تناهض الاستعمار الأوروبي المهدد للشعوب الضعيفة في آسيا وأفريقيا.
ولقد توفيت الآن مسز أدامس بعد أن أحرزت في سنة 1932 جائزة نوبل للسلم، فتنازلت عنهما لهيئة الجمعية قائلة: إن فضل هذه الجمعية في العمل هو الذي جلب تلك المكافأة.
واعترافا من الجمعية بفضل هذه السيدة المؤسسة لها نقشت على قبرها اسم الجمعية؛ ليكون ذكرا خالدا بأنها هي المؤسسة.
وتأسس للجمعية المشار إليها فرع في مصر في سنة 1936.
ثم أنشئ اتحاد الأمهات والمربيات في سبيل السلم لمؤسسته ورئيسته مدام إيدن شنك باتن
Unknown page