ضمت ذراعيها فوق صدرها ولم تجب بشيء .. كانت في اليومين الماضيين مستاءة من زوجها؛ لأنه أرسل «أودوش» إلى الكنيسة رغم معارضتها، فلماذا يلومه الآن وقد فعل ما علموه في الكنيسة. - هل تسمعينني؟ - أنا لا أعرف مكانه.
ضحك بافتعال وسخرية وهو يقول: لا تعرفين؟ .. هو .. هو .. هو .. كان من الأجدر لك أن تقولي إن من يأتي بكومة من الذباب إلى بيته لا يجب أن يشكو إذا قامت بزيارته السحالي .. أنت على حق، وهذا أفضل من القول بأنك لا تعرفين مكان ابنك. - هل أصبح الآن ابني؟
تجاهل سؤالها وقال مستطردا: أنت تكذبين لأنك تعرفين مكانه. عليك باستدعائه من حيث قمت بإخفائه؛ فأنا لم أقتل أحدا من قبل، ولن أبدأ بابني. - على ألا يذهب إلى الكنيسة مرة أخرى. - هذه أكذوبة أخرى .. لقد قلت أن يذهب وسوف يذهب. وإذا لم يرغب أي شخص في ذلك فعليه أن يأتي ويقفز فوق ظهري.
عاد «أودوش» في المساء، وبدا كالدجاجة التي غرقت تحت الأمطار، وسارع بتقديم التحية لأبيه وهو خائف، لكن «إيزولو» تجاهله تماما، ورحبت به المرأة بفتور، بينما تجمع الأطفال الصغار حوله، وخاصة «أوبياجيلي»، وراحوا يتفحصونه عن قرب خوفا من كونه قد تغير بشكل ما.
لم يشأ «إيزولو» أن تظهر عليه علامات التعب حتى لا يشفق عليه أحد، لكنه لم يتجاهل الدافع الديني لما فعله «أودوش» .. لقد فكر كثيرا في هذه الحادثة ليلة وقوعها .. إنه لمن عادات «أوموارو» أن ينظموا جنازة مثل جنازة الإنسان للثعبان المقتول، ولكن لا يوجد شيء في عادات «أوموارو» عن الرجل الذي يضع ثعبانا في صندوق .. اعترف «إيزولو» بخطورة الحدث، لكنه لم يكن بهذه الدرجة من الأهمية والخطورة حتى يبعث له كاهن «إيديميلي» تلك الرسالة البذيئة، التي اعتبرها «إيزولو» من نوع الإهانات الخاصة بالإله .. كان الاحتفال الجديد بأوراق القرعة بعد أيام قليلة، وعلى «إيزولو» أن يصلح الأمر قبل موسم الزرع.
بعد عودة «أودوش» بوقت قصير حضر أحد أقرباء «إيزولو» من «أوموجوجو» للزيارة، وكان هو «أونوزوليجبو»، الذي جاء من قبل في أحد مواسم الزرع للإصلاح بين قريبه وبنت «إيزولو».
قال «إيزولو»: يبدو وكأن موتي قد أوشك! - لماذا يا قريبي .. هل أبدو مثل الموت؟ - عندما يرى الإنسان شيئا غير مألوف يكون الموت قادما في الطريق. - أنت على حق يا نسيبي .. لقد مضى وقت طويل منذ جئت لزيارتك آخر مرة، لكن صغار الفئران لا تجرؤ على فتح أعينها حين يقتلون أمهم، أما إذا كان كل شيء على ما يرام فإننا نأمل أن نعود ونتبادل الزيارات كما يجب أن يفعل الأقرباء.
أرسل «إيزولو» ابنه «وافو» لإحضار جوزة الكولا من عند أمه، وذهب نحو الطاسة الخشبية الصغيرة المليئة بالطباشير، فقال للضيف: ها هي قطعة من الطباشير.
تناول الضيف قطعة الطباشير، ورسم بين قدميه على الأرض ثلاثة خطوط رأسية وخطا مائلا يصل بينهما ثم رسم أحد أصابع قدمه الكبيرة وأعاد الطباشير إلى «إيزولو» الذي ألقى به بعيدا.
تناولا جوزة الكولا، ثم قدم «أونوزوليجبو» الشكر ل «إيزولو» قائلا: هل زوجتنا بخير؟ - زوجتكم؟ .. نعم، إنها بخير ولا ينقصها شيء سوى مشاهدتكم .. «وافو»، اذهب وأحضر «أكيوك» لتحية قريب زوجها.
Unknown page