وقد أفرط قوم في غلوهم في الصحيحين فقبلوا ما فيهما على الإطلاق من دون نظر وتمييز، بل اتكالا منهم على التقليد، وخطأوا من خالف شيئا من ذلك، ونسبوه إلى الإبتداع، ومخالفة السنةن ونقول لا ينبغي ذلك، بل يلزم النظر والتحري، فهناك أحادي غير صحيحة، ألا ترى إلى ما رواه الشيخان واللفظ لمسلم أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم متى تقوم الساعة ؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هنيهة، ثم نظر إلى غلام بين يديه من أزد شنوءة، فقال: ((إن عمر هذا لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة)) قال أنس: ذلك من أترابي.
فهذا الحديث وأمثاله مما رواه الشيخان مما يوقع الشك في الصحيحين.
ومثل ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ((خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق من آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل)) وقد روى هذا الحديث كذلك أحمد والنسائي عن أبي هريرة.
وهذا الحديث مخالف لنص القرآن خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وقد قال البخاري، وابن كثير وغيرهما إن أبا هريرة قد تلقى هذا الحديث عن كعب الأحبار، ذكر ذلك في كتاب [أضواء ص209]، وفي تفسير ابن كثير في سورة الأعراف في تفسير آية: ?إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام? [ج2 ص220] .
فالحق أنه ليس كل ما اشتمل عليه الصحيحان بصحيح، ولا ما صححه غيرهما أيضا كأهل السنن والمسانيد.
Page 3