123

Ṣaḥīḥ al-athar wa-jamīl al-ʿibar min sīrat khayr al-bashar ﷺ

صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر ﷺ

Publisher

مكتبة روائع المملكة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Publisher Location

جدة

Genres

فاستمروا بمكة إِلى أن هاجروا إِلى المدينة، إِلا السكران بن عمرو زوج سودة بنت زمعة، فإِنّه مات بعد مقدمه من الحبشة بمكة قبل الهجرة إِلى المدينة، وإِلا سلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة، فإِنهما احتبسا مستضعفين، وإِلا عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى، فإِنه حُبِس، فلما كان يوم بدر هرب من المشركين إِلى المسلمين (١).
ومن جملة الأخبار التي حملت بعض المهاجرين في أرض الحبشة إِلى العودة إِلى مكة ظنًّا منهم بأن أهلها قد أسلموا أنّ النبيّ ﷺ تلا على قريش يومًا سورة: ﴿وَالنَّجْمِ﴾ فأخذتهم روعة التنزيل، وقوة البيان، حتى إِذا بلغ النبيّ ﷺ قوله تعالى: ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾ (٢)؛ سجد، فسجد المشركون مأخوذين بروعة القرآن وقوة تأثيره، فعن عبد الله بن مسعود ﵁، قال: قرأ النبيّ ﷺ النجم بمكة، فسجد فيها، وسجد من معه، غير شيخ أخذ كفًّا من حصًى أو تراب، فرفعه إِلى جبهته، وقال: يكفيني هذا. فرأيتُه بعدُ قُتِل كافرًا (٣).
فظنّ الناقل لمّا رأى المشركين قد سجدوا متابعةً لرسول الله ﷺ، أنهم أسلموا واصطلحوا معه، ولم يبق نزاع بينهم، فطار الخبر بذلك، وانتشر حتى بلغ مهاجرة الحبشة بها، فظنوا صحة ذلك، فأقبل منهم طائفة طامعين بذلك، وثبتت جماعة، وكلاهما محسن مصيبٌ فيما فعل.
وكان العائدون قرابة ثلاثة وثلاثين رجلًا، منهم: أبو سلمة وزوجه ﵄ (٤).

(١) الفصول لابن كثير ص ١٠٤.
(٢) سورة النجم، آية ٦٢.
(٣) أخرجه البخاري في الجمعة، باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها ح (١٠٦٧)، ومسلم في المساجد ح (٥٧٦).
(٤) انظر: البداية والنهاية (٤/ ٢٢٤، ٢٢٥).

1 / 126