قال أبو عبيدة في قوله جلّ ثناؤه: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾ ١ قال: "لا" من حروف الزوائد لتتميم الكلام، والمعنى إلغاؤها. قال العجاجُ٢:
في بئر لا حُورٍ سرى وما شعرْ
أي: بئر حُور، أي هَلَكة. وقال أبو النجم٣:
فما ألوم الْبِيضَ أن لا تَسْخَرا
يقول: فما ألومُهنَّ أن يَسْخَرْنَ. قال الشَّمّاخ٤:
أعائشَ ما لأهلكِ لا أراهم ... يضيعون الهجان مع المضيع
يريد: أراهم يضيعون السوام، و"لا" إنما هي لغة. وقال٥:
ويلحينني في اللهو أن لا أُحبَّه ... ولِلَّهو داعٍ دائبٌ غيرُ غافلِ
المعنى: يلحينني في اللهو أن أحبه. وفي القرآن: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ﴾ ٦ أي: أن تسجد.
قال أحمد بن فارس: أما قوله إنّ "لا" في ﴿وَلا الضَّالِّينَ﴾ زائدة فقد قيل فيه: إن "لا" إنما دخلت ها هنا مُزِيلةً لتوهُم متوهم أن الضّالين هم المغضوب عليهم، والعرب تنعت بالواو، يقولون: مررت بالظريف والعاقل فدخلت "لا" مُزِيلةً لهذا التوهم ومُعلمة أن الضّالين هم غير المغضوب عليه. وأما قوله في شعر الشمّاخ: إن لا زائدة في قوله: ما لأهلك لا أراهم، فغلطٌ من أبي عبيدة لأنه ظنّ أنه أنكر عليهم فساد المال، وليسَ الأمر كما ظنِّ، وذلك أن "الشمّاخ" احتجّ على امرأته بصنيع أهلها أنهم لا يُضيعون المالَ. وذلك أن امرأة الشمّاخ وهي عائشة قالت للشمّاخ: لِمَ تشدّد على نفسك في العيش حتى تلزَم الإبلَ وتعزبَ
_________
١ سورة الفاتحة، الآية: ٧.
٢ ديوانه: ٢٠، ومجمل اللغة: مادة "هور"، وشطره.
بإفكه حتى رأى الصبح جشره
٣ الأزهية: ١٥٤، والمقتضب: ١/ ٤٧، وعجزه:
لما رأين الشمط القفندرا
٤ ديوانه: ٢١٩، الهجان: الخيار، ومن الإبل، الهجان: البيض. والرجل الحسيب.
٥ ديوان الأحوص الأنصاري: ١٣٢.
٦ سورة الأعراف، الآية: ١٢.
1 / 122
باب القول على لغة العرب: أتوقيف أم اصطلاح
باب القول على الخط العربي وأول من كتب به
باب القول في أن لغة العرب أفضل اللغات وأوسعها
باب القول في لغة العرب وهل يجوز أن يحاط بها
باب القول في اختلاف لغات العرب
باب القول في أفصح العرب
باب اللغات المذمومة
باب القول في اللغة التي بها نزل القرآن
باب القول في مأخذ اللغة
باب القول على لغة العرب
باب القول على أن لغة العرب لم تنته إلينا بكليتها
باب انتهاء الخلاف في اللغات
باب مراتب الكلام في وضوحه وإشكاله
باب ذكر ما اختصت به العرب
باب الأسباب الإسلامية
باب القول في حقيقة الكلام
باب أقسام الكلام
باب الفعل
باب الحرف
باب النعت
باب القول على الاسم من أي شيء أخذ
باب آخر في الأسماء
باب ما جرى مجرى الأسماء وإنما هي ألقاب
باب الأسماء التي تسمى بها الأشخاص على المجاورة والسبب