5 - نظر أبو القاسم الزعفراني يوما إلى جميع من فيها من الخدم والحاشية عليهم الخزوز الفاخرة الملونة فاعتزل ناحية وأخذ يكتب شيئا فسأل الصاحب عنه، فقيل: إنه في مجلس كذا يكتب. فقال: علي به. فاستهل الزعفراني ريثما يكمل مكتوبه فأعجله الصاحب، وأمر بأن يؤخذ ما في يده من الدرج، فقام الزعفراني إليه وقال:
أيد الله الصاحب.
اسمعه ممن قاله تزدد به * عجبا فحسن الورد في أغصانه
قال: هات يا أبا القاسم. فأنشده أبياتا منها:
سواك يعد الغنى ما اقتنى * ويأمره الحرص أن يخزنا
وأنت ابن عباد ن المرتجى * تعد نوالك نيل المنى
وخيرك من باسط كفه * وممن ثناها قريب الجنى
غمرت الورى بصنوف الندى * فأصغر ما ملكوه الغنى
وغادرت أشعرهم مفحما * وأشكرهم عاجزا الكنا
أيا من عطاياه تهدي الغنى * إلى راحتي من نأى أو دنا
كسوت المقيمين والزائرين * كسى لم يخل مثلها ممكنا
وحاشية الدار يمشون في * ضروب من الخز إلا أنا
ولست أذكر لي جاريا * على العهد يحسن أن يحسنا
فقال الصاحب قرأت في أخبار معن بن زائدة: أن رجلا قال له: احملني أيها الأمير، فأمر له بناقة وفرس وبغلة وحمار وجارية، ثم قال له: لو علمت أن الله تعالى خلق مركوبا غير هذه لحملتك عليه، وقد أمرنا لك من الخز بجبة، وقميص.
ودراعة. وسراويل وعمامة. ومنديل. ومطرف. ورداء. وجورب، ولو علمنا لباسا آخر يتخذ من الخز لأعطيناكه، ثم أمر بإدخاله الخزانة، وصب تلك الخلع عليه ، وتسليم ما فضل عن لبسه في الوقت إلى غلامه.
6 - كتب أبو حفص الوراق الاصبهاني إلى الصاحب: لولا أن الذكرى أطال الله بقاء مولانا الصاحب الجليل - تنفع المؤمنين: وهزة الصمصام تعين المصلتين لما ذكرت ذاكرا، ولا هززت ماضيا، ولكن ذا الحاجة لضرورته يستعجل النجح، --- ... الصفحة 32 ... ---
Page 31