1
لذلك حق «لمدام ده ستايل» أن تقول:
إن حرية الصحافة لهي الحرية الوحيدة المعلقة عليها سائر الحريات.
ويقول الأستاذ لطفي السيد: «خير ما تفعل الحكومات لنفسها وللأمة التي تحكمها أن تكون مع الصحافة على غاية من التسامح، فلا تقف في طريق رقيها؛ لأن ذلك وقوف في طريق حرية الرأي العام ومصادرة لاعتقاده، لا يأتي إلا بنتيجة عكسية؛ لأن الرأي العام بطبعه عنيد تزيده طرائق العنف تشبثا بمعتقده، وتشعل مصادرة الحرية في صدره لهب الحرية المستوقد وضوءها الساطع، وسرعان ما يتسرب إليه سوء الظن بالحكومة التي تريده على أن يفل من غرب حدته مهما حسنت نيتها وأرادت له الخير وخافت عليه من الوقوع في شر نفسه.
خير ما تفعل الحكومة أن يكون اتكالها في الحكم على رغبة الناس لا على إرهابهم.»
أما الحرية بذاتها فهي الحق المقدس الطبيعي الذي وجد مع الإنسان في فجر خليقته ونشأ معه، ولا يصح أن تعبث به قوة ما، ولقد صدقت الجمعية العمومية الفرنسية التي أعلنت «حقوق الإنسان» في 4 آب 1779 في تقريرها: «بأن ما يحيق بالمجتمع الإنساني من المصائب والشقاء، وفساد الحكومات، يرجع إلى سبب واحد هو جهل حقوق الإنسان أو تجاهلها أو العبث بها.»
لذلك نصت الفقرة 11 من إعلان هذه الحقوق على القاعدة التالية:
بما أن حرية تبادل الآراء والمعتقدات هي من أثمن حقوق الإنسان، فكل فرد يستطيع أن يتكلم ويكتب وينشر ما يشاء بحرية، بشرط أن يكون مسئولا عن إساءة استعمال هذه الحرية في الأحوال المعينة في القانون.
وقد درجت فرنسة من ثورتها الكبرى التي أعلنت فيها للبشر حقوقهم على تقديس حرية الصحافة واحترام الرأي المعلن فيها، بحيث وجدت لدى زيارتي «جناح الصحافة» الفرنسية في معرض باريس سنة 1937 صفحة من أحد السجلات معروضة في لوحة كبيرة على الحائط ما ترجمته:
حمدا لحرية الصحافة التي ترعاها دائما حكومة الجمهورية الفرنسية، فبفضل هذه الحرية تزداد صفحنا سعة في الانتشار يوما بعد يوم، فتتكاثر النسخ المطبوعة منها.
Unknown page