[الداعي له (ع) إلى تأليف هذا الكتاب]
وقد كان من جماعة من الإخوان الراغبين في العلم النافع، والطالبين للعمل الرافع، تعويل في تصنيف مختصر في أصول الفقه، يعم المهم من أقوال العلماء، ويخص أصول أصحابنا من أئمتنا -عليهم السلام-، وأتباعهم -رضي الله عنهم-، ونبين ما نختاره من ذلك ونعتمد عليه لمذهبنا بأدلته، وتمييز شرطه وعلته، فأجبتهم إلى ذلك تعرضا لما أعد الله سبحانه لمن هدى إلى صراط مستقيم، أو دعا إلى منهاج قويم، وبالله أستعين وأستمد، وإياه أستهدي وأسترشد، صلى الله على محمد وآله.
فصل:[في تعريف الفقه]
اعلم أرشدك الله وهداك، وآثرك وتولاك: أن الفقه في أصل اللغة: هو العلم، بدليل أنك لا تقول: فقهت هذا الأمر وما علمته، ولا علمته وما فقهته، بل يعد من قال ذلك مناقضا جاريا مجرى من يقول علمت وما علمت.
ثم قد صار بعرف العلماء مفيدا للعلم أو الظن بجمل من الأحكام الشرعية وعللها وأسبابها وشروطها التي لا يعلم باضطرار أنها من الدين، فمن علمها على هذا الوجه، فقد علم الفقه، ومن لم يعلمها على هذا الوجه بل ظنها أو قلد فيها لم يكن فقيها.
فصل:[في بيان طرق الفقه]
واعلم أنا نريد بقولنا: أصول الفقه: طرق الفقه، وطرق الفقه تنقسم إلى: دلالة وأمارة.
فالدلالة: هي ما كان النظر فيها على الوجه الصحيح يوصل إلى العلم.
والأمارة: ما كان النظر فيها على الوجه الصحيح يقتضي غالب الظن.
فصل:[في أقسام الدلالة والأمارة]
والدلالة أولى بتقديم الذكر من الأمارة؛ فالدلالة: الكتاب المعلوم، والسنة المعلومة، والإجماع المعلوم، والأفعال المعلومة، ويدخل تحت هذه الجملة الأوامر والنواهي، والخصوص والعموم، والمجمل والمبين، والناسخ والمنسوخ، من كلام الله سبحانه وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ويلحق بذلك أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإجماع عترته وأمته.
Page 24