ثم اختلفوا في معنى الإجزاء، فالمروي عن قاضي القضاة أن معنى ذلك أن الفعل وقع على حد لا يلزم فيه القضاء.
وحكي عن الشيخ أبي الحسين البصري أن معنى قولنا إن الفعل مجز، هو أن المكلف بتأديته يخرج عن عهدة ما أمر به سواء لزمه القضاء بعد ذلك أم لا؛ لأن القضاء إنما يجب بدليل آخر كما قدمنا، وهو اختيار شيخنا.
ومذهبنا: أن الأمر إذا ورد على وجه الإبتداء، وأدي بشرطه وصفته خرج المأمور به عن عهدة الأمر، وسقط عنه القضاء، وكان مجزئا، وإن لم يقع على هذا الوجه خرج عن كونه مجزئا؛ لأنا نرى أن لفظ الإجزاء في العرف يقتضي لزوم سقوط القضاء، فيخرج بهذا الإحتراز عن إلزام مفسد(1) الحج والصوم، وعن المخاطب بالصلاة(2) الذي يظن أنه على طهارة، فإنه يجب عليه الأداء في تلك الحال(3)، والقضاء عند ذكر فساد الطهارة.
وما ذكره الشيخ أبو الحسين البصري قوي على النظر إلا أنه ينقض بالعرف بين العلماء؛ لأنهم يعبرون عن الإجزاء بسقوط القضاء، وعن عدم الإجزاء بوجوبه.
Page 54