Safwat Ikhtiyar
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Genres
وأما أدلة الشرع: فلا سبيل إلى ادعاء مانع فيها من الإتفاق بعد الإختلاف، ولأن الإتفاق بعد الإختلاف يكون أظهر، فكيف يكون الإختلاف مانعا منه؟ وأكثر ما يذكر في هذا أن اتفاقهم بعد اختلافهم ينقض إجماعهم على تجويز اتباع العامي لكل واحد من القولين، ونحن لا نسلم أنهم أجمعوا على ذلك على الإطلاق بل نقول: إنما أجازوا للعامي تقليد من رجح عنده من الفريقين بشرط بقاء الفرقة، فإذا وقع الإجماع منعوه من المخالفة؛ لأنا نعلم بدلائل أصولهم أنهم لو سألوا عن ذلك لعللوا جواز فتواهم له باتباع كل واحد من الفريقين لاختلافهم عليهما.
ومثال المسألة: اختلافهم في جواز بيع أمهات الأولاد، ثم وقع الإتفاق بعد ذلك على المنع منه.
مسألة:[الكلام في أهل العصر إذا اتفقوا على أحد القولين]
فأما إذا اتفقوا على أحد القولين فقد حكى قاضي القضاة عن بعض المتكلمين وقوم من أصحاب أبي حنيفة والشافعي أنه لا يكون حجة في تحريم القول الآخر.
وذكر في الشرح أن الناس اختلفوا في ذلك:
فمنهم من جعل ذلك محرما للخلاف على كل حال من الأحوال، ولم يفصل بين الصحابة والتابعين.
ومنهم من جعله محرما للخلاف في حال دون حال، والحالة التي يحرم فيها الخلاف هي الحالة التي يكون المتفقون في المسألة على أحد القولين في المسألة هم الذين اختلفوا فيها سواء كان ذلك العصر عصر الصحابة أو غيرهم، والحالة التي لا يكون اتفاقهم فيها حجة مزيلة للخلاف هي أن يختلف أهل عصر ويتفق من بعدهم على أحد قوليهم.
واختيارنا: أن وقوع الإختلاف بعد الإتفاق غير جائز كما قدمنا في المسألة الأولى، وأن الإتفاق إذا وقع على أي وجه وقع لم يجز خلافه سواء كان من أهل العصر أو ممن بعدهم.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أن ذلك يكون اتباعا لغير سبيلهم، واتباع غير سبيلهم لا يجوز كما قدمنا.
Page 262