218

الكلام في الإجماع

مسألة:[الأدلة على حجية الإجماع]

الإجماع حجة عند جميع المسلمين من الصحابة والتابعين، ثم حكي بعد ذلك عن النظام خلافه وتبعه على ذلك الروافض وقوم من الخوارج.

والدليل على صحة الأول: قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} [النساء:115].

ووجه الإستدلال بهذه الآية: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، وهو لا يتوعد على فعل إلا وذلك الفعل واجب؛ لأن الوعيد على فعل الحسن وترك ما ليس بواجب قبيح والله تعالى لا يفعل القبيح، على ما ذلك مقرر في مواضعه من أصول الدين، فلا وجه لاستقصاء ذكره هاهنا.

وإذا قبحت مخالفتهم وجبت متابعتهم إذ لا واسطة بين متابعتهم ومخالفتهم؛ فصح ما قلناه من كون الإجماع حجة.

والذي يدل على ذلك: قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} [البقرة:143].

ووجه الإستدلال بهذه الآية: أن الله تعالى أخبر وهو لا يخبر إلا بالصدق؛ لأن الكذب قبيح، وهو تعالى لا يفعل القبيح، بأنه جعلهم أمة وسطا، والوسط الخيار من كل شيء، وهذا شائع في اللغة، ثم أخبر سبحانه بالإرادة في ذلك وأنها: ليكونوا شهداء على الناس، والناس هاهنا هم اليهود والنصارى وسائر فرق الكفر والله أعلم، وهو لا يختار للشهادة إلا العدول الذين لا يقولون إلا الحق؛ لأنه لو اختار غير من هذه حاله كان ذلك تغريرا منه وتلبيسا وذلك قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح.

فصل: [في بيان الطرق إلى العلم بإجماع الأمة]

ويعلم إجماع الأمة بأمور:

أحدها: أن يتفقوا على فعل من الأفعال ويفعلوه بأجمعهم،

ومنها: أن يقولوا بأجمعهم قولا واحدا.

Page 243