Safwat Ikhtiyar
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Genres
وعندنا أن ذلك لا يوجب الترجيح؛ لأن إسناده للخبر جائز بل ربما أكده؛ لأن بعض أهل العلم وهو الشافعي قد روي أنه قال: المسند أقوى من المرسل، وأقل أحواله أن يكون مثله.
ولأن مراسيل الخبر يجوز أن يكون حذف إسناده لبعض الأغراض الصحيحة ومدار الأمر في هذه المسألة وما شاكلها على قوة الظن، فما قوي معه الظن كان مرجحا، وقد قدمنا الكلام في أن من الصحابة من يروي موقوفا ما سمعه مسندا كما روينا عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا ربا إلا في النسية)) ثم لما بحث عن ذلك، قال: أخبرني بذلك أسامة بن زيد، وكذلك أبو هريرة روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أصبح جنبا فلا صوم له)) ثم لما نوقش في ذلك أسنده إلى الفضل بن العباس، وأمثال ذلك كثيرة.
مسألة:[الكلام في الترجيح بالذكورة والحرية]
فإن كان أحد الراويين حرا والآخر عبدا، أو أحدهما ذكرا والآخر أنثى.
فعندنا أنه لا ترجيح لخبر الحر على خبر العبد، ولا الذكر على الأنثى إذا وقع الإستواء في العدالة والضبط.
وعند بعضهم يرجح خبر الحر على خبر العبد، وذكر محمد بن الحسن في كتاب الإستحسان أنه إن أخبر حر وعبد لا يرجح خبر الحر، وإن أخبر عبدان وحران رجح خبر الحرين على العبدين؛ لأنه يوجب قطع الحكم.
والدليل على صحة ما اخترناه: أن الذكورة والحرية لا يعتبران في باب الأخبار، ولا يؤثران في قوة الظن، وما هذه سبيله فإنه لا يقع الترجيح به.
فأما إذا ورد خبران أحدهما سليم المعنى واللفظ، والثاني غير سليم بل هو مختل المعنى أو اللفظ، كان العمل على السليم أولى وأقوى لبعده عن الخطأ، والعمل على الظن الأقوى هو الواجب.
Page 225