339

Safwat Casr

صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر

Genres

ولكن شاءت العناية الإلهية أن تنقذ هذا الحبر الورع من كيد الواشين النمامين كذبا ونفاقا، واتضحت لمقام السدة البطريركية الجليلة نزاهته وإخلاصه في كل أعماله، فأعاده غبطة البابا المعظم إلى أسقفية الدير، وقد أخذ منذ ذاك الحين في استئناف جهاده بكل نزاهة وأمانة، كما كان يفعل فيما مضى وباشر في إصلاح الأعمال الجليلة، حتى أخرس حساده وكم أفواههم بما فطر عليه من جدارة وكفاءة وطهارة ذمة وعلو نفس، وها نحن نراه الآن قائما بأعباء خدمة شعبه ماديا وأدبيا بما أوتيه من قوة وفضل وعلم وذكاء فطري، وفقه الله تعالى إلى إرضاء ربه وشعبه.

صفاته وأخلاقه

على جانب عظيم من الورع والتقوى والصلاح، فتراه رغم كثرة إصلاحاته وانهماكه في إدارة الوقف منكبا على ذكر الله أناء الليل وأطراف النهار، وتراه دائما طلق المحيا بشوش الوجه لطيف الحديث حلو المسامرة في الأمور الدينية والأدبية، يجود بسخاء على الفقراء والمعوزين الذين يلجأون إليه طارقين بابه، فكل هذه الأعمال المبرورة تخلد له الذكرى الحسنة عند الله والناس؛ لما هو عليه من الورع والتقوى وسلامة القلب كارها نعيم الدنيا راغبا عنها أكثر الله من أمثاله بين رجال الكهنوت.

ترجمة جناب الأب الفاضل المحترم القمص باسليوس إبراهيم

كلمة وجيزة

من بين رجال الكهنوت الأرثوذكسي رجال اتصفوا فوق معلوماتهم الدينية والروحية بمقدرة إدارية كبرى وعلم صحيح وكفاءة عالية وباع طويل، مع خبرة وحنكة ولسنا نقول هذا القول جزافا إنما نراه واقعا ملموسا في شخص صاحب الترجمة المحترم، الذي قضى طوال حياته متربعا في وظيفته هذا وهو قائم بالشيء الكثير من شؤون الطائفة، والإشراف على دقائق أمورها وحاز ثقة كبرى لدى الشعب الذي ألقى إليه مقاليد الأمور، وإننا نسجل تاريخه المجيد شاكرين له حسن جهاده في سبيل النفع والخير، سائلين الحق تعالى أن يكثر من أمثاله العاملين الغيورين على مصلحة الطائفة، إنه على ما يشاء قدير.

جناب الأب الفاضل المحترم القمص باسليوس إبراهيم «وكيل بطريخانة الأقباط الأرثوذكس».

مولده ونشأته

ولد صاحب الترجمة عام 1865 ميلادية بناحية بشتيل التابعة لمركز إمبابة بمديرية الجيزة من والدين كريمين، غذياه بلبان الفضل والاستقامة، وأدخله والده بأحد الكتاتيب بناحية إمبابه، وكان عمره إذ ذاك ثمان سنوات وعندها رسم شماسا لكنيسة وراق الحضر بمعرفة المرحوم الأنبا إيساك أسقف كرسي مديرية الجيزة والفيوم وبني سويف والبهنسا، وفي سنة 1591ق توفي المرحوم والده الذي كان كاتبا بمركز إمبابة وقتئذ، فترك ذاك الكتاب وعمد إلى تعلم القراءة والكتابة جيدا على يد كتبة ماهرين فتوجه إلى الترسانة الأميرية، وهناك وجد ضالته المنشودة ولقنوه أصول العلم، ومن ثم التحق بإدارة عموم السكة الحديد الأميرية، وفيها أتقن معلوماته العلمية على يد صهره المرحوم يعقوب بك نخله، وتعين كاتبا بالدخولية بقليوب.

ولما رأى أن مرتب هذه الوظيفة ضئيل لا يقوم بسد نفقاته توظف بمديرية الجيزة بقلم المقابلة، تحت إدارة فقيد المروءة والإنسانية المرحوم سلامة أفندي عجمي الباشكاتب لتلك المديرية في ذاك العهد، الذي شيد كنيسة بها، وتأهل صاحب الترجمة بتاريخ 5 فبراير سنة 1883.

Unknown page