أعماله الاجتماعية
ولقد نشأ بعد ولوجه المدرسة التوفيقية في وسط اجتماعي محض، فقد ألف هو وكثير من إخوانه جمعية أدبية إصلاحية للاجتماع وإلقاء المحاضرات، وقد كان صاحب الترجمة من المنكبين على الاشتغال بأعمالها مع أداء واجبه المدرسي، وفي العمل على ما يعود على المجموع بالخير فيها، وقد أنشأت هذه الجمعية مجلة أدبية اجتماعية وكان من القائمين بعملها، والمباشرين لتحريرها وطالما نشر فيها من المقالات العلمية والأدبية والتاريخية والقانونية والإصلاحية، وهو الذي جمع أدق وأضبط تاريخ للمرحوم بطرس غالي باشا، وكانت له اليد الطولى في تأليف كتاب مار مرقس الإنجيلي الذي ألفته هذه الجمعية، وهي التي قامت بحفلة «مصريين قبل كل شيء» التي ألقى فيها العالم الكبير أحمد زكي باشا خطبته المشهورة في التوفيق بين عناصر الأمة المصرية ناهيك بالحفلة الكبرى التي أقيمت في تياترو عباس لمشروع كلية البنات، ومثلت فيها رواية «لويس الحادي عشر»، وهو عضو بلجنة إدارة كلية البنات القبطية وبجمعية التوفيق الخيرية القبطية، وقائم بالاستشارة القضائية لكثير من الجمعيات والنقابات، ومنها نقابة معلمي العربات التي هو مستشارها القضائي، ولحضرته اليد المشكورة في كثير من الأعمال الخيرية، وله كتابات عديدة في المسائل الطائفية والإصلاحات القبطية.
وفي سنة 1921م أقام بالاشتراك مع كبار القوم حفلة شائقة للنيروز، وخطب فيها صاحب الدولة سعد زغلول باشا خطبة رنانة وشرفها سمو الأمير الجليل محمد علي باشا، وقد خصص إيراد هذه الحفلة لمساعدة ملجأ الحرية، وفوق ذلك له كثير من الأعمال المأثورة والأيادي المشكورة مما يشكر عليه بكل شفة ولسان.
صفاته وأخلاقه
عنيد للحق راسخ للمبدأ، صبور وقت نزول الشدائد والمحن، جريء في القول شهم في كل مواقفه، نزيه النفس وقد خصه الرحمن باللطف والدعة والدفاع عن الفضيلة بكل ما أوتي من قوة وبيان.
وإذا كانت للبيئة الصالحة تأثير عظيم في النفوس والأخلاق، فالأستاذ راغب إسكندر أكثر الناس حظا من ذلك، فإنه نشأ نشأة صالحة في بيئة صالحة كان له منها فضيلة الشجاعة وعلو الهمة، والتمسك بالحق والعدل ونصرة المظلوم مع العفة، وإن هذه الأخلاق السامية يعرفها فيه عشائره ويشهد له بها حتى خصومه وأعداؤه المتطرفون، وهو وقت الشدة لا يحب العنف، ووقت اللين لا يعرف الضعف، كثير الحلم والأناة، راجح العقل رزينه.
أدامه الله قدوة صالحة، وأحياه لمصر التي جاهد في سبيلها، وأكثر من أمثاله بين شبابها الناهض.
ترجمة حضرة الوطني الصميم النطاسي البارع الدكتور نجيب بك إسكندر
مقدمة للمؤرخ
هو آية من آيات الولاء والإخلاص لوطنه ومثال لكل تضحية، بل هو ابن بار من أبناء مصر البررة العاملين على رفع شأنها ومجدها، وهو أحد أصحاب دولة الرئيس الجليل والزعيم المحبوب سعد باشا زغلول، والذي تحمل في سبيل استقلال بلاده العزيزة كل تنكيل وعذاب وامتهان بصبر وجلد وشمم وإباء، فناضل وجاهد واعتقل وأهين، ولكن لم تكن كل هذه المحن لتزحزحه قيد خطوة عن سامي مبدئه، وشريف معتقده ، بل بالعكس زادته تمسكا بأهداب الحق، فإذا نحن قمنا بتدوين ترجمة هذا الشهم الجليل المفضال، فإنما ندونها إقرارا بفضله، واعترافا بمجهوداته ومواقفه المشهورة، وتضحياته الثمينة، التي دلت جميعها على تربية عالية ووطنية صادقة ومدارك سامية، وصفات قل وجودها في كثيرين من شباب هذا العصر مع نزاهة وعزة نفس اتصف بهما في أحرج المواقف، بل وفي أشد أوقات الشدة، فبقلم الفخر والإعجاب نثبت نقطة صغيرة من بحر أفضال هذا النطاسي البارع والوطني المحبوب.
Unknown page